رسائل طائفية
علي حسين
احاديث كثيرة تدور بين الناس عن الازمة التي تمر بها البلاد ، البعض من القراء والمتابعين بعتقدون أن ما يكتب وينشر لا يلقى صدى لدى السياسيين اصحاب ” الحل والربط ” .. والبعض الآخر يرى أن العلة ليست في الحكام وإنما في الشعب الذي يصر دوماً على الانقياد لأهواء ورغبات الحاكم
يدرك المواطن جيداً أن السياسي لا يتذكر سوى نفسه ويضرب حوله سياجاً دائرياً من الحرس والعيون ولا يترك ثغرة في هذا الجدار العازل تدخل منها آراء الناس ومشاكلهم، منذ أيام السلاطين تعلم الحكام أن الشعب لا يؤتمن وأن الناس حمقى في آرائها وأهوائها، والأهم حمقى في اختياراتها. يكتب الفرنسي جلين بليك في كتابه المجادلة مع الحمقى “إن للحمقى أيضا من يعجب بهم وهم الأكثر حماقة منهم”، وقديماً خصص أحد التقاة “ابن الجوزي” كتاباً سرد فيه أخبار الحمقى والمغفلين وضع فيه وصفاً للحمق قال: “معنى الحمق والتغفيل هو الغلط في الوسيلة والطريق إلى المطلوب، بخلاف الجنون، فإنه عبارة عن الخلل في الوسيلة والمقصود جميعاً، فالأحمق، سلوكه الطريق فاسد ورؤيته في الوصول إلى الغرض غير صحيحة”.
اليوم نعيش جميعا وسط أكوام الضياع وصحراء القهر والغبن وتحت سماء تتسع باطراد من بطالة وخوف وموت مجاني، ليس أمام الغالبية من سيّئي الحظ، سوى الوقوع في حماقة الرسائل الطائفية التي تصر على ان المشكلة في العراق هي طائفية وليست لصوصية وقد كتب احدهم ينتقد اغلاق الكرادة امنيا وترك المنصور ، فالامر كما يعتقد جنابه هو محاصرة ” الشيعة ” من قبل وزارة الدفاع ” السنية .. تخيل ان البعض يكتب أن الاحتجاجات في 2019 التي اندلعت في العراق كانت في الرصافة فقط ورافقها حسب قوله هدوء في الكرخ وان غايتها كانت طائفية! ويكمل جنابه ان الامر لايتعلق بالفساد وانما بالرسائل الطائفية التي تحملها الاحتجاجات حسب قوله .. يقول فؤاد زكريا “نعيش اليوم في أحدث نموذج لمجتمعات الحمقى والمغفلين الذي لبس فيه السياسيون بدلات الجنرالات ودخنوا سيكارهم الكوبي في الوقت الذي أقاموا فيه حروب الكلمات وشيدوا جمهورية الشعارات وصنعوا ماكينة فرمت لحم الجماهير المغلوبة على أمرها لتصنع منه عجينة لينة لكرسي الحكم”.
ما معنى أن يدفعنا السياسيون في كل يوم نحو وطن لا يحده سوى اليأس والخراب، هل يدركون مدى اتساع الهوة بينهم وبين الناس.. بين من يملكون كل شيء والذين لم يعد لهم الحلم أو حتى الأمل؟.
المواطن يشعر في كل صباح انه وسط حلبة مصارعة يتلقى فيها الضربة تلو الأخرى دون أن يلوح في الأفق أي تغيير في ميزان القوى لصالحه ؟ .
نقلاً عن “المدى”