جرى في طهران وستوکهولم
نزار جاف
على خلفية المحاکمة التي جرت في السويد، ل”حميد نوري”، معاون المدعي العام لسجن “جوهر دشت”، أثناء تنفيذ مجزرة السجناء السياسيين في إيران في صيف عام 1988، والتي إستغرقت 92 جلسة بالتمام والکمال وتمتع هذا المتهم الذي شهد ضده أکثر من 100 شاهد عن دوره في تلك المجزرة القرووسطائية المروعة، بکامل الحقوق المکفولة للدفاع عن نفسه، فإنه وبعد إصدار الحکم بحقه يجري الان إستئناف الحکم الذي يستغرق بدور عاما کاملا. لکن ماذا لو قمنا بمقارنة هذه المحاکمة کنموذج مع المحاکم الجارية في ظل النظام القائم في إيران والذي يعتبر نفسه قمة تجسيد العدالة ولايمکن أن يظلم أحدا هناك، وکيف يظلم وهذه المحاکم تعتبر نفسها مجسدة للعدل الالهي!
لسنا نتحدث عن قيام السلطات الايرانية بإلقاء القبض على الاجانب الواردين الى إيران ولاسيما الذين هم من أصول إيرانية وإيداعهم السجون بتهم ملفقة على الاغلب ومن ثم مقايضتهم مع البلدان الغربية بالاموال المجمدة أو بالارهابيين التابعين للنظام والمسجونين في هذه الدول، بل نتحدث عن المواطنين الايرانيين والى أي حد يتمتعون بالعدل والانصاف أمام محاکم النظام الذي يقوده”نائب الامام المهدي” في فترة الغيبة، ولاريب من إن لمحاکم هذه النظام الکثير من الحکايات والاحاديث الشيقة جدا والتي لانجد لها من مثيل إلا في العصور الوسطى.
لأکثر من مرة إعترض النظام الايراني على المحاکمة التي جرت لحميد نوري وإعتبرها صورية وإن نوري لم يتمتع بحقوقه الکاملة بل وحتى شكك بشرعيتها وقانونيتها، مع إن المحاکمة جرت تحت الاضواء الکاشفة وأمام أنظام العالم کله وکان کل مجرياتها بالغة الشفافية وبلغت أعداد جلساتها 92 جلسة کما أشرنا آنفا، ولکن هل يحدثنا الولي الفقيه نفسه عن المحاکم الغريبة والفريدة من نوعها التي جرت للسجناء السياسيين في صيف 1988، ماهي الحقوق التي تمتع بها هٶلاء السجناء أمام تلك المحاکم ؟ وکيف تم التحقيق معهم وکم إستغرقت محاکمة کل سجين سياسي؟!
بعيدا عن الضجة التي أثارتها وتثيرها تلك المجزرة على الصعيد الدولي، لکن التمادي في القسوة والوحشية المفرطة في تلك الفتوى الدموية التي أصدرها الخميني ضد آلاف السجناء السياسيين، قد أصابت أوساط النظام نفسها بالذهول وهو أمر لوحده يکشف کيف إن خميني قد تجاوز کل الحدود والمقاييس في إصداره لفتواه الغريبة والشاذة هذه والتي سرت بأثر رجعي بحيث إنها شملت حتى أولئك السجناء الذين تمت إصدار أحکام بحقهم وحتى إن العديد منهم قد قضى فترة محکوميته وصار ينتظر إطلاق سراحه، حيث حشدت هذه الفتوى الدموية أرواحهم.
الملفت للنظر إن إن النظام الايراني ولحد الان قد قام بتنفيذ أحکام الاعدام بحق 4 من المعتقلين على خلفية الانتفاضة الشعبية المستمرة منذ 16 سبتمبر2022، وهو ينوي إعدام إثنين آخرين لکن وبسبب التظاهرات أمام سجن”جوهر دشت”، لم يقم بذلك لحد الان، لکن وکما نعلم فإنه ليس العالم بل وحتى من داخل النظام نفسه قد شککوا في تلك الاعدامات وسخروا منها ذلك إن قطع طريق لايستوجب حکم الاعدام أبدا، وحتى إنني أو التذکير هنا هنا إنه قبل أکثر من شهر قام حماة البيئة في ألمانيا ضمن نشاطاتهم الاحتجاجية بقطع الطرق في برلين وقد تسبب ذلك في موت أمرأة لأن سيارة الاسعاف لم تتمکن من إيصالها للمستشفى في الوقت المطلوب، لکن لم يتم إعدام أحد وإنما تم إعتقال بعضهم لفترة وجيزة ومن ثم تم الافراج عنهم، ولکن في إيران يجري قتل وتصفية کل معارض تحت عناوين وتسميات مختلفة معظمهما مشکوك فيها، والحق إن قتلة المتظاهرين اليوم هو أنفسهم الذين قاموا بتنفيذ مجزرة 1988، وإن ضحايا اليوم هم أبناء وذوي ضحايا مجزرة 1988!