
تحليل انتفاضة 15 نيسان 2005 في الأحواز 2/2
نوري آل حمزة
مجريات الانتفاضة
اندلعت الاحتجاجات في عدة مدن أحوازية، مثل الاحواز العاصمة، والمحمرة، وعبادان، والخفاجية، والسوس، ومعشور، وتستر، والعديد من المدن حيث خرج الآلاف في مظاهرات سلمية تندد بالاحتلال الإيراني وسياسات القمع. استخدم المتظاهرون شعارات مثل “لا للتفريس”، مع التركيز على إحياء ذكرى سقوط الحكم العربي. كما تضمنت الاحتجاجات فعاليات ثقافية، مثل إلقاء الشعر العربي ورفع الأعلام الأحوازية.
ردت السلطات الإيرانية بقوة، حيث استخدمت القوات الأمنية الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريق المتظاهرين، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى واعتقال المئات. كما فرضت حظرًا على التجوال في بعض المناطق وشنت حملة اعتقالات استهدفت الناشطين والمثقفين، بما في ذلك شعراء وصحفيين.
تحليل الانتفاضة
أدت الانتفاضة إلى التعبئة الشعبية، ونجحت في حشد أعداد كبيرة من الأحوازيين، مما أظهر وحدة الهدف بين مختلف شرائح المجتمع.
كما اتسمت بالطابع السلمي، وركزت الاحتجاجات على المقاومة المدنية، مما جعل من الصعب على إيران تبرير قمعها دوليًا.
وجذرت العلقة الضميرية لدى الأحوازيين عبر ربط الانتفاضة بذكرى احتلال الأحواز والانتفاضات السابقة، الأمر الذي عزز الروح الوطنية وزاد من تأثيرها الرمزي.
وزاد من التواصل الإعلامي، استخدام الإنترنت حيث ساعد في نشر القضية خارج الأحواز، خاصة في الدول العربية.
لكن من جهة أخرى، لم تحظَ الانتفاضة بدعم عربي أو دولي كافٍ، مما حد من تأثيرها السياسي.
وكان رد الفعل النظام الإيراني السريع والقاسي أضعف زخم الاحتجاجات وأدى إلى تشتيت الجهود.
ورغم التعبئة الشعبية، افتقرت الانتفاضة إلى قيادة موحدة قادرة على استدامة الحراك.
وفي السياق الإقليمي، بداية تصاعد التوترات بين إيران والدول العربية، في وقتها كان يمكن أن يوفر فرصة أكبر لإبراز القضية الأحوازية كجزء من الصراع الأوسع، لكن سوا نشر بضع عشرات من النصوص الإخبارية حوّل الانتفاضة في الإعلام العربي والغربي، لم تحظى الانتفاضة بالدعم المرجو.
كما لم تركز كثيرا المنظمات الدولية حول القمع الإيراني بحق الأحوازيين.
النتائج
نجحت الانتفاضة في إعادة إحياء النقاش حول القضية الأحوازية، بعد سنوات خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي.
كمت عززت الاحتجاجات، الشعور بالهوية العربية الأحوازية، خاصة بين الشباب.وكشفت الانتفاضة عن وحشية النظام الإيراني في التعامل مع العرقيات غير الفارسية، مما أثار انتقادات محدودة دوليًا.
وأدى القمع إلى سقوط ضحايا واعتقال المئات، مما زاد من التوترات بين الأحوازيين.
وكشفت الانتفاضة لنا هذه المهمة أن الحراك الشعبي يحتاج إلى قيادة موحدة وتنسيق استراتيجي لضمان استدامته.
كما يحتاج لتواصل مع المنظمات الحقوقية والإعلام الدولي حيث يمكن أن يضغط على إيران.
وحينها تبين لنا ان استخدام التكنولوجيا، ووسائل التواصل الاجتماعي في هذا العصر أداة فعالة لنشر القضية، لكنها تحتاج إلى استراتيجيات أكثر احترافية.
كما نرى ان سير الأحداث وتجاوز الانقسامات بين الفصائل الأحوازية، يعد امر ضروري لتحقيق التقدم النضالي.
وتبين ان تعزيز الدبلوماسية الأحوازية ضرورة لكل مرحلة، وهنا نؤكد على ضرورة العمل على إنشاء لوبيات سياسية في الدول العربية والغربية لدعم القضية.
كما نرى ان إنشاء هيئة موحدة تمثل الأحوازيين وتنسق جهودهم السياسية والميدانية، بات امراً لا يمكن ان يتأخر أبدا.
وكل ذلك يتطلب إطلاق منصات إعلامية احترافية لتوثيق الانتهاكات ونشر القضية، وربط القضية الأحوازية بالقضايا العربية الأخرى لكسب دعم شعبي وسياسي.
بالتالي ان انتفاضة 15 نيسان 2005 كانت تعبيرًا قويًا عن إرادة الشعب الأحوازي في مواجهة الظلم والتهميش. رغم قمعها، فقد تركت أثرًا كبيرًا في تعزيز الهوية الوطنية وإبراز القضية على الساحة الإقليمية. إلا أن نجاح الحراك الأحوازي في المستقبل يتطلب تنظيمًا أفضل، ودعمًا خارجيًا، واستغلال الفرص الإقليمية.
ونؤكد ان القضية الأحوازية ليست مجرد صراع محلي، بل جزء من الصراع العالمي إذا تم تفعيلها بشكل صحيح، مما يجعلها جديرة بالاهتمام والدعم، من قبل كل العالم المتضرر من قبل نظام ولي الفقيه وما سبقه.