مقالات

بايدن واوبك+.. إشارة الى استبعاد عودة النّفط الإيراني

رندة تقي الدين
 
طلب الرئيس الأميركي جو بايدن من دول مجموعة أوبك+ أن تزيد إنتاجها تفادياً لارتفاع غير مبرر في سعر البنزين في أميركا. وكانت مجموعة دول أوبك+ قد خفضت إنتاجها 10 ملايين برميل في اليوم، أي نحو 10 في المئة من الطلب العالمي على النفط بسبب جائحة كورونا. ثم بعد حملة التطعيم العالمية وعودة الاقتصاد العالمي ببطء الى أوضاع أفضل، قررت المجموعة زيادة تدريجية لإنتاجها قدرها 400 ألف برميل في اليوم، للحد من التخفيض الذي كانت أقرته 5.8 ملايين برميل في اليوم حتى نهاية نيسان (أبريل) من السنة المقبلة، بعد درس حذر للتوقعات حول تطور السوق النفطية.
 
أتت دعوة الرئيس الأميركي قبيل صدور تقرير وكالة الطاقة الدولية لشهر تموز (يوليو)، الذي يشير الى تراجع مفاجئ في النمو على الطلب على النفط في تموز نسبة لحزيران (يونيو)، إذ كان النمو على الطلب العالمي للنفط قد ارتفع 3.8 ملايين برميل في اليوم نسبة للشهر الذي سبقه.
 
فطلب بايدن ودعوة البيت الأبيض أوبك+ غير مبررين، خصوصاً أن سعر برميل نفط برنت انخفض في غضون أسبوع من مستوى 75 دولاراً الى 70 دولاراً. ودعوة بايدن تناقض قيادته العالمية لمكافحة التغيير المناخي الذي دفعه الى منع التنقيب عن النفط الحجري في الولايات المتحدة. وقد علق السناتور الأميركي جون كورنين على دعوة بايدن قائلاً: “إذا كان الرئيس فجأة قلقاً على ارتفاع أسعار البنزين، فعليه أن يوقف قتل إنتاجنا المحلي للنفط على الأراضي الأميركية. فرجاء السعودية زيادة إنتاجها في حين أن البيت الأبيض يقيد أيدي شركات النفط الأميركية أمر مربك ومحزن”.
 
يذكر أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كان قد فتح التنقيب عن النفط والغاز الحجري shale oil and gas في الولايات المتحدة بشكل واسع، وكانت كلفة تقنيات استخراجه انخفضت كثيراً، ما جعل الإنتاج الأميركي يزيد زيادةً كبيرة وسريعة. وترى بعض الأوساط السياسية العالمية أن دعوة بايدن مجموعة أوبك+ تنبئ باقتناع بايدن بأن النفط الإيراني لن يعود بسرعة الى السوق العالمية. فمحادثات رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية وليام برنز في إسرائيل أشارت الى ابتعاد احتمال التوصل مع إيران الى الاتفاق النووي مع الدول الست. ووزير خارجية إيران الجديد أمير عبد اللهيان هو من التيار المحافظ المتشدد، فمن المستبعد أن يتساهل في المفاوضات حول النووي الإيراني قبل أن يحصل على ما يريده من الجانب الأميركي، أي رفع كل العقوبات عن إيران.
 
إذاً، إنتاج النفط الإيراني، وهو أكثر من مليوني برميل في اليوم، لن يعود الى الأسواق قبل منتصف السنة المقبلة إذا توصلت إيران الى اتفاق مع الجانب الأميركي. وإدارة بايدن مستعجلة للتوصل الى اتفاق حرصاً على عدم ترك إيران تطور السلاح النووي، في حين أن الفريق الإيراني يأخذ كل وقته في التفاوض للحصول على كل ما يريده. إن مطالبة بايدن مجموعة أوبك+ ستبقى مجرد موقف للمستهلك الأميركي الذي يعاني من ارتفاع سعر البنزين الذي لا علاقة له بإنتاج النفط السعودي. فارتفاع سعر البنزين في أميركا مرتبط بصناعة التكرير المحلية لا بإنتاج أوبك. ولكن دعوة بايدن أوبك وحلفاءها أثارت الكثير من الانتقادات الداخلية له، كونه وعد في حملته الانتخابية بالابتعاد عن الطاقة الأحفورية وتشجيع الطاقة المتجددة لمرحلة القطاع الانتقالي للطاقة.
 
وقد أثارت دعوة بايدن أوبك الى زيادة إنتاجها ردود فعل أميركية عديدة على شبكات التواصل الاجتماعي، فكتب مواطن من ولاية تكساس رسالة الى البيت الأبيض قائلاً: “بإمكان منتجينا بسهولة إنتاج النفط لو تتركهم الإدارة، فاسمحوا للعاملين الأميركيين وليس لأوبك بأن ينتجوا النفط لتخفيض أسعار البنزين”. وبايدن ليس الرئيس الأول الذي يدعو أوبك الى زيادة الإنتاج، فمعظم الرؤساء الذين سبقوه قاموا بالدعوة نفسها، مع الفارق أن بايدن قاد حملته الانتخابية على التغيير المناخي والحد من الطاقة الأحفورية”.
 
* نقلا عن ” النهار”

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى