اليمن وإعادة ترتيب الأوراق
فهد ديباجي
حملت الأيام الأخيرة من عام 2021 تحولاتٍ هامة في الأزمة اليمنية، التي ستكون على موعد مع تحولات أكبر في العام الجديد.
سيكون عام 2022 حاسما على صعيد مسار الأزمة اليمنية، خصوصًا أن التحالف العربي لدعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، قدم مبادرة وحلولاً جذرية كان من الممكن أن تشكل منطلقاً لتفاهمات جادة، لدفع المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته تجاه السلوك العدواني من مليشيا الحوثي الإرهابية نحو استقرار الإقليم، وفي الوقت نفسه تضع حداً لأزمة هذا البلد السياسية والإنسانية بعد موافقة الحكومة اليمنية الشرعية على هذه المبادرة، تأكيداً لاستمرار الحرص على أمن واستقرار اليمن والمنطقة، والدعم الجاد العملي للسلام، وإنهاء الأزمة اليمنية، ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني، ودعماً للجهود السياسية الدولية للتوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن، وحفظ وصون دماء اليمنيين، وبدء عملية التنمية وإعادة الإعمار، والمحافظة على مصالح الشعب اليمني من بائعي الوطن لإيران، الذين واصلوا تعنتهم ليثبتوا للعالم أنهم مجرد أداة تنفذ أجندات النظام الإيراني دون تمييز للمصالح اليمنية.
لقد حشدت إيران كل إمكانياتها السياسية والعسكرية والإعلامية وأرسلت الأسلحة بأنواعها.. صواريخ ومسيّرات، ومعها “خبراؤها” من طهران و”لبنان حزب الله” إلى اليمن، فإيران تستخدم اليمن ورقة ضغط مع اقتراب محادثات الملف النووي الإيراني من لحظة الحسم في فيينا.
من هنا أثبت التحالف العربي أن كارثة اليمن صنعها الحوثيون وحدهم، فهم يريدون أن يتحكموا في مصير دولة كبيرة من منطلق طائفي، مستغلين حالة التجاهل والتقاعس من المجتمع الدولي، ما جعل الجهود الأممية لإحراز السلام في اليمن بلا ثمار، الأمر الذي وفّر الإمداد العسكري واللوجستي عبر نقل مزيد من الخبرات الإرهابية إلى عناصر الحوثي الانقلابي دون محاسبة دولية.
إن ما يحدث في اليمن حاليا من تحولات هزيمة لمشروع إيران التوسعي، وهي مرحلة فك الاشتباك وترتيب الأولويات في هذا الملف، وبداية لفصل جديد في اليمن، وعودة للوضع الطبيعي والمنطقي، وترتيب للمشهد والأوضاع السياسية والعسكرية والاقتصادية فيه، وبذلك تكون مليشيا الحوثي الإيرانية تحت التهديد والقصف المتواصل والقوي والمؤثر بعدما عاد التموضع العسكري في جبهات عدة، مما كسر شوكة هذه المليشيا ودفن قيادتهم مع “خبراء” إيران و”حزب الله” في الصحارى والشعاب بجوار جثث الحوثيين، فكل ما ينجزه التحالف بالضربات الجوية الناجحة ضد مخازن الأسلحة الحوثية ومقار التدريب وخطوط الإمداد والاشتباك يواكبه جهد يمني داخلي في كل الجبهات وتعبئة شعبية واسعة وخطة عسكرية متقنة مع تأمين الدعم اللوجستي.
مَن يلاحظ طريقة تعاطي مليشيا “الحوثي” مع كل دعوات السلام وإيقاف الحرب، يدرك تماما أنها لا تؤمن بالسلام ولا تريده، فـ”حزب الله” و”الحوثي” و”الحشد الشعبي” كلها فروع لذات الشجرة الخبيثة التي زرعها نظام الملالي، وتم تعهدها بالدماء التي تسقي جذورها.
الحقائق التي أعلنها متحدث التحالف العربي مؤخرا كشفت الدور التخريبي للحرس الثوري و”حزب الله” في اليمن، وأظهرت للعالم أن التحالف العربي يحاول دعم الشرعية في اليمن الشقيق ضد دولة عدوانية وأذرعها، فيما يقدم التحالف نموذجًا عسكريًّا جديدًا في العمليات، إذ يقود معركة هي الأنظف في التاريخ الحديث، محافظا على أرواح المدنيين، التي تمثل بالنسبة له الأولوية القصوى، كما لم يعطل أو يستهدف أي بنية تحتية للدولة اليمنية، فالأهداف الراسخة لعمليات التحالف هي إعادة الأمل والأمن لليمن الشقيق.
العين الإماراتية