الهدنة اليمنية بين الفشل والعمل
لطفي فؤاد نعمان
بيان القسم الدستوري لرئيس مجلس القيادة الرئاسي د. رشاد العليمي أمام البرلمان اليمني وسط “العاصمة الاقتصادية والتجارية: عدن” 19 نيسان، أوضح وجوب تطبيق اتفاق الهدنة الأممية الشامل ككل متكامل: “وقف وتجميد العمليات العسكرية داخل وخارج اليمن، تشغيل رحلات تجارية من مطار صنعاء، وفتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات لتيسير حركة النساء والأطفال والمسنين، دخول سفن مشتقات نفطية ميناء الحديدة خلال شهري الهدنة” بعائدات مليارية نبه د. العليمي إلى مآلها لسلطات صنعاء دون تدخل سلطات الشرعية، وفقاً للترتيبات الاستثنائية المؤقتة، بموجب الاتفاق مع مكتب المبعوث غروندبرغ.. ويمكن عدها من خطوات بناء الثقة بين الأطراف.
رئيس مجلس القيادة الرئاسي شدد أيضاً على ضرورة تكريس تلك العائدات لدفع رواتب موظفي القطاع المدني بمناطق سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) على محيط “العاصمة السياسية والتاريخية: صنعاء” عوض تسخيرها لتمويل حروبهم، حسب البيان، واستمرار الهجمات على مأرب، حسب الواقع. ولفت إلى عدم تسمية الجماعة ممثليها في لجنة فتح المعابر في تعز. وما فاته أن يضع على كاهل “المبعوث الأممي والمجتمع الدولي” مُتَطَلَب “اتخاذ إجراءات حازمة تضبط مسار الهدنة وتحول دون انهيارها”.
يقابل ذلك بالطبع “تغريد” ممثلي الحوثي ناعين مضي الشهر الأول للهدنة دون فتح مطار صنعاء، ونحوا باللائمة على “أسلوب الأمم المتحدة”، وتحدثوا عن “خروقات” مقابلة لخروقاتهم التي لا يقرون بها. وهكذا يستعاض بلوم الآخرين والتركيز على “جزءٍ” من الاتفاق عن الإقرار الواعي والمضي اليقظ بخطوات متوازية صوب تنفيذ الاتفاق بشكل متكامل يعلو على التبادل والمقايضة بين مطار مغلق ومدينة محاصرة.
بكل حسن ظن قد يخالف حسن الفطن، يقال: حل ثمر “الربيع الرمضاني الواعد” حسب توصيف الأستاذ فؤاد مطر، عبر إعلان اتفاق هدنة أكثر وضوحاً من اتفاق ستوكهولم (ديسمبر – كانون الأول 2018م) المتضمن “تفاهمات.. غير مفهومة” جعلت المتابعين والمبعوثين في أمر مريج. ودون أدنى التفات لجدوى المنجز الإنساني من الاتفاق وفق تقديرات أممية مغايرة للتقديرات اليمنية، بقي المعنيون يتلاومون على خرقه وبعضهم يريحه غموضه.
ولاح أيضاً اختلاف الحال اليمني يوم السابع من نيسان عن السادس منه، نتيجة ائتلاف قوى “اليمننة” المستجدين في مجلس واحد لأداء “مهمةٍ عَظُمَت أن يقوم بها .. فردٌ أو يتحدى أمرها نفرُ” مما بعث على تفاعل سياسي جديد مصحوب بالتفاؤل الحَذِر بعد سنين من التشاؤم المُخدِر لكل خيال. من هذا المنطلق المتفائل والمتفاعل يترقب بعض الناس عدم بلوغ الهدنة مرحلة الفشل فيما يغرد متربصون بالفشل مما يستدعي تغاضي المعنيين عن لغة النواهي والأوامر والتوجيهات والأحكام المسبقة والتهم المعلبة، الصادرة عمن لم يتغذ سلوكهم وخطابهم على التواضع وتفهم الوضع من كافة جوانبه.
ويغدو من الحكمة بمكان التلافي المبكر لكل مُربِكٍ للسير في طريق #السلام_لليمن تسقط معه كل نصيحة عدا مراعاة الواقع والتيقظ للطوارئ والمفاجآت. كذا الاهتمام الفعلي بأهم ما نص عليه “اتفاق الرياض” ثم المشاورات، وتستهدفه النظم والقوانين والدساتير وهو “خدمة كل أبناء شعبنا اليمني من المهرة إلى صعدة” وفق معايدة الرئيس العليمي عشية العيد المتزامن مع انقضاء أول شهور الهدنة، وهو ما يلزم بقية شركاء المجلس بدون استثناء بالارتقاء عن مستوى المزايدين بالمعاناة الإنسانية.
دون تقليل من الحرص على نجاح الهدنة المتوقع تمديدها، ويحث المبعوث غروندنبرغ وسفراء لندن وباريس الأطراف جميعاً على الالتزام بها بشكل بناء، تؤمل المرونة بمعالجة كافة الإشكاليات في صنعاء وتعز والحديدة على حد سواء، حسب وعد العليمي، تعبيراً عن الثقة المعهودة بالنفس، وتعزيزاً للأمل بأن في إمكان المجلس الجديد أفضل مما كان مستعيناً بكل المؤسسات للعمل على تنفيذ الهدنة ككلٍ متكامل خدمةً لكل اليمنيين وكل اليمن تمهيداً لطريق #السلام_لليمن.
نقلا عن العربية