مقالات

المؤشرات تحتّم علينا وحدة الصف

سامي الريامي

دول مجلس التعاون الخليجي تخطط ليل نهار من أجل التنمية، وبناء الإنسان، والنهضة الشاملة، وهناك في المقابل من يخطط ليل نهار من أجل الهيمنة وإشعال المنطقة، وتغذية الطائفية، وتدمير كل المنجزات الحضارية، من أجل إفساد الأمن وتحويل الاستقرار في المنطقة إلى قلاقل، ليس لذنب اقترفناه نحن، بل بسبب أحقاد وكره، وحقد دفين لم تفلح السنوات الطويلة ولا الحضارة الإنسانية العالمية في إخماده!

جميعنا اليوم بدول مجلس التعاون في قارب واحد، في البحر المتلاطم ذاته، نواجه مصيراً مشتركاً، وتحديات صعبة، ومخاطر واحدة، وليس لدولة منا أفضلية على أخرى، ولا توجد دولة بمنأى عن الآخرين، وبعيدة عن أي خطر مستقبلي، هذا هو قدرنا المحتوم، ولذلك علينا مواجهة كل التحديات المستقبلية بقلب واحد، وفكر واحد، ورأي واحد، تفرُّقنا يسعدهم، واختلافنا يسهّل من مهمتهم، وضعفنا قوة لهم، وتماسُكنا ووحدة صفنا يشكلان مصدر قلق لهم، ولن يقف معنا أحد، كما لا يمكننا الاعتماد على أحد، لن ينفعنا سوى وحدة كلمتنا، ونبذنا لكل الاختلافات، والاتفاق على كيفية مواجهة تحديات المستقبل.

ما حدث في أفعانستان يحتم علينا رفع كل مؤشرات الحذر، فالدرس الواضح في ذلك المشهد، أنه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة حليفاً استراتيجياً، فنحن بالنسبة لها لسنا أولوية، وما حدث هناك في كابول، قد يتكرر في دول أخرى قريبة منا، وسقوطها بتلك الطريقة قد يجعل المنطقة أكثر التهاباً، ويؤدي من دون شك إلى وصول الخطر عند أقرب أبوابنا، فهل ننتظر الأسوأ، أم نتحرك لوضع خطط واستراتيجيات جديدة، ونتمسك بخيارنا الاستراتيجي المهم، وهو خيار الترابط والتماسك وتعزيز العمل المشترك؟

ما تشهده أفغانستان، وما قد يشهده العراق من أحداث مستقبلاً، لابد أن يكونا حافزاً لقيادات دول المنطقة للتخلي عن النظرة المنفردة، والتمسك بوحدة الصف، ومحاولة منع الانزلاق إلى مستقبل سيعجز كل الفرقاء عن التحكم في مسار أحداثه، ولن يحدث هذا ما لم يتم الاتفاق على استراتيجية جماعية لمواجهة أي أحداث مستجدة قد تقع على المستقبل المنظور، ولابد أن تكون هذه الاستراتيجية واقعية تستفيد من إمكانات دول المنطقة مجتمعة، وقابلة للتطبيق، وغير مبنية على أوهام التحالف مع أطراف خارجية، ثبت عملياً أنها عاجزة عندما يلزم أن تتحرك لمواجهة الأخطار، وانتهازية لا تراعي إلا مصالحها طوال الوقت، التي لم تكن يوماً متطابقة مع مصالح دول المنطقة!

الإمارت اليوم

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى