
الرحمان عساكرة: 15عامًا من العذاب في سجون الاحتلال.
لا يزال الرحمان عساكرة، المدرس والناشط الثقافي الأحوازي، قابعا خلف قضبان سجون النظام الإيراني، بعد أن حكم عليه في 2010 بالسجن لمدة 20 عاما مع الأشغال الشاقة والنفي بسجن قوجان، إثر محاكمة وصفت بأنها تفتقر لأبسط معايير العدالة، على خلفية اتهامات ترتبط بنشاطه الثقافي والاجتماعي.
مدافع عن الهوية العربية في الأحواز
ولد الرحمان عساكرة عام 1977 في مدينة الخلفیة، ودرس الكيمياء والعلوم الاجتماعية حتى حصل على شهادة الماجستير من جامعة الأحواز.
وعمل الرحمان عساكرة مدرسا لمادة الكيمياء، وبرز كأحد الناشطين في معهد الحوار الثقافي، حيث كرس جهوده لتمكين الشباب الأحوازيين، من خلال تنظيم دورات تعليمية مجانية ومبادرات استشارية لتسهيل الالتحاق بالجامعات.
إلا أن هذا النشاط الثقافي السلمي، جعله هدفا للملاحقة الأمنية من قبل سلطات الاحتلال الإيراني ففي فبراير/شباط 2010، اعتقلته الاستخبارات الاحتلال الإيراني برفقة عدد من زملائه في المعهد، ليتعرض لاحقا لمحاكمة سرية أمام الفرع الثاني من محكمة الثورة التابعة للاحتلال في الأحواز، بتهم تشمل “الحرب ضد الله”، و”الفساد في الأرض”، و”العمل ضد الأمن القومي”.
حكم قاس… ونفي مؤلم
رغم نفيه القاطع لجميع التهم، أدين عساكرة وصدر بحقه حكم بالسجن عشرين عاما مع الأشغال الشاقة والنفي إلى سجن قوجان شمال شرقي إيران، حيث لا تزال عائلته تعاني من مشقة زيارته بسبب البعد الجغرافي وتكاليف السفر الباهظة.
ولم يمنح عساكرة حتى يوم إجازة واحد منذ اعتقاله في 2010 قضاها متنقلا بين سجون مشهد، ومسجد سليمان، وقوجان، في انتهاك حقوق الإنسان والمواثيق الدولية من قبل الاحتلال الإيراني بحق النشطاء الأحوازيين.
ولم يقتصر حضور عساكرة داخل السجن على الصمت. فقد نقل إلى سجن قوجان كإجراء عقابي بعد أن دافع عن حقوق السجناء الأحوازيين، واحتج على ما وصفه بـ”المعاملة اللاإنسانية” التي يتعرضون لها في سجن مسجد سليمان.
ورغم معاناته من أمراض في الجهاز الهضمي، وارتفاع ضغط الدم، والكوليسترول، إلا أنه لا يزال محروما من العلاج المناسب والرعاية الطبية الكافية.
مأساة شخصية تضاف إلى المحنة
في شتاء عام 2012، تعرض حامد، نجل الرحمان عساكرة البالغ من العمر 16 عاما، لحادث دهس بسيارة تابعة للشرطة تابعة للاحتلال الإيراني، ما أدى إلى وفاته على الفور.
ولكن المأساة لم تتوقف هنا؛ إذ رفضت سلطات الاحتلال الإيراني السماح لعساكرة بحضور جنازة ابنه أو المشاركة في عزائه، في مشهد مؤلم يعكس القسوة التي يواجهها المعتقلون السياسيون وعائلاتهم.
تنديد حقوقي واسع
ترافقت محاكمة عساكرة وزملائه من “معهد الحوار الثقافي” مع إدانات من منظمات حقوقية دولية، أبرزها منظمة هيومن رايتس ووتش، التي وصفت ما يجري في الاحواز المحتلة بأنه مجزرة منظمة رسميا لإسكات الأصوات المنتقدة لسياسات الاحتلال الإيراني في الأحواز.
كما وثقت تقارير حقوقية تعرض هؤلاء النشطاء الأحوازيين لتعذيب جسدي ونفسي شديد أثناء الاحتجاز، وشملت الأساليب ربطهم بالأسرة والضرب، وتهديدهم باعتقال أقاربهم، بل وخداعهم بمعلومات كاذبة مثل وفاة أحد أفراد عائلاتهم.
ورغم ما يواجهه من ألم وحرمان، يبقى رحمن عساكرة رمزا للمقاومة الثقافية السلمية في وجه الاضطهاد. فقد اختار التعليم والحوار سبيلا للتغيير، وكرس حياته من أجل بناء جيل جديد واع ومثقف، في مجتمع يعاني التهميش.
قبل اعتقاله، كان هذا الرحمان عساكرة يدرس الماجستير في العلوم الاجتماعية في جامعة الأحواز، وكانت أطروحته للماجستير حول التحديات التي تواجه الطلاب ثنائيي اللغة في الهيكل التعليمي الإيراني.