«الحوثيون» حالة مريضة واليمن قلب الأمة العربية!
صالح القلاب
حتى لا تبقى الأمور تختلط، إنْ قصداً وإن جهلاً والجاهل عدو نفسه، كما يقال، فإنّ هؤلاء الذين يوصفون بأنهم «حوثيون» ويصِفون أنفسهم بهذا الوصف، هم بؤرة إيرانية ملحقة وتابعة لمن يقول عن نفسه ويصفه أتباعه بأنه: «ولي فقيه»، وهو في حقيقة الأمر ليس ولياً ولا فقيهاً، فالأولياء الصالحون في الإسلام العظيم، حقاً وحقيقة، معروفون وهذا إنْ سابقاً وإن لاحقاً وحتى الآن… وهم سيبقون هكذا حتى يوم القيامة، وحيث إنه لا يمكن أن يكون هناك «اختلاف» في هذه الأمور الأساسية وهذه القضايا المفصلية التي بقيت متلاحقة ومتواصلة في التاريخ البعيد والقريب.
ولذلك فإنه لا بد من الفرز والإيضاح، فهؤلاء، أي «الحوثيون»، هم في حقيقة الأمر بؤرة إيرانية ناشطة جداً وهم لا أولياء ولا صالحون إطلاقاً، وإنّ هذا الذي يعتبرونه «ولياً فقيهاً» هو مجرد «جُنْدرميّ» «إيرانيّ»، فالأولياء الصالحون حقاً في الإسلام العظيم معروفون، وذلك إنْ الآن وإنْ سابقاً وإنْ على مدى حقب التاريخ البعيدة والقريبة والراهنة الحالية.
وإيران في هذا العهد، قد أصبحت «عدواً مبيناً» وهذا بعدما كانت دولة إسلامية شقيقة للأمة العربية، وقد تحوّلت إلى جسر لهذا التدخل الإيراني في الشؤون العربية كلها ومن الألف إلى الياء، كما يقال، حيث إنّ كل شيء قد بات واضحاً ومعروفاً ومن غير الممكن التغطية عليه.
ولذلك فإنه غير جائز أنْ يبقى «البعض» يتعامون عن هذه الحقيقة التي باتت واضحة والتي لا يمكن أن ينكرها إلا الذين يشكلون طابوراً خامساً… وسادساً وألفاً إيران التي كانت قد انقلبت على نفسها وعلى أشقائها العرب وأيضاً على معظم المسلمين… وهذا إنْ ليس كلهم، وقد غدت وعلى هذا النحو تتدخل كل هذا التدخل السافر والمعلن في الشؤون العربية والإسلامية كلها وليس في معظمها وفقط «وعلى عينك يا تاجر»، كما يقال ويتردد وكما هو معلن ولم ينكره لا هذا «الولي الفقيه» ولا كل الذين يتدثرون بالعباءات الفارسية التاريخية… وذلك مع أنّ بعضهم يصفون أنفسهم بالأولياء الصالحين… ومن آل البيت الكبير والعظيم!!
وعليه فإنّ «إيران» التي كانت قد انقلبت على نفسها وعلى أشقائها العرب والمسلمين، وحقيقة وعلى الشعب الإيراني الشقيق نفسه قد ذهبت بعيداً جداً في التدخل في الشؤون العربية الداخلية، وقد باتت تهيمن هيمنة إلحاقية واحتلالية وسافرة ليس على بعض دول العالم العربي وإنما العديد منها… وهنا فإن على مَن لديه أي شكوك في هذا المجال أن يلاحق ويتابع كل هذا التدخل الشائن والسافر في شؤون مَن مِن المفترض أنهم أشقاؤهم العرب، وحيث إنه لا ضرورة إطلاقاً لمثل هذا التدخل، وهذا لو أنّ الأمور بين هاتين الأمتين قد بقيت تسير في الاتجاه الصحيح!!
وهكذا فإنّ إيران، التي كنا كعرب عاربة… وأيضاً كعرب مستعربة، نعرفها ونعرف تاريخها الساطع والعظيم والنظيف في هذه المنطقة التي كانت قد ترددت عليها دول وأمم طامعة كثيرة، وحيث إنها قد بقيت إن بعد الإسلام العظيم والبعض يذهب بعيداً ويقول وإنْ قبله ودائماً وأبداً إلى جانب أشقائها العرب… وهذا حتى في العهد الشاهنشاهي الذي كان قد اغتيل في وضح النهار وعلى رؤوس الأشهاد، وكما يقال، وفي لحظة تاريخية مريضة ويبدو أنها لا تزال مريضة حتى الآن.
وهنا وإذا كان بعض المؤلفة قلوبهم وأيضاً وبعض الذين يهرفون بما لا يعرفون والذين قد ركبوا موجة التدثر بالعباءات وحشوا رؤوسهم بالعمائم قد تمادوا بعيداً في هذا الاتجاه، ولذلك فإنّ عليهم أن يعرفوا ويدركوا أنّ حركة التاريخ لا تقف عند لحظة تاريخية واحدة وأنّ هذه اللحظة المريضة حقاً ستزول حتماً… وأنّ العلي القدير لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
ويقيناً، إنّ التاريخ، تاريخ البشرية كلها، لا يبقى يسير في اتجاه واحد باستمرار، وإنه عندما تحتل إيران «الخامنئية» كل هذا الذي تحتله من العالم العربي… الخليجي والأفريقي وعلى مدى البحر الأحمر… حتى مضيق باب المندب وحتى بحر العرب… والاستمرار بالمضي في هذا الاتجاه… فإنه لا بد من اعتبار أنّ هذه الدولة، أي دولة الولي، هذا الذي يوصف بأنه «فقيه»، مثلها مثل «العدو الصهيوني» لا بل إنّ هناك مَن يقول وعلناً إنها أكثر خطراً منه، فإسرائيل هذه قد زُرِعت كخنجر في قلب العالم العربي كله، والمعروف أن قلب العالم العربي هو فلسطين، وهو بيت المقدس وقبة الصخرة المشرفة… وهو أيضاً كنيسة القيامة التي بقيت تشكل مثابة عربية… وأيضاً وإسلامية، نعم إسلامية، وعلى مدى كل هذا التاريخ الطويل… وإلى يوم يبعثون.
إننا نقول هذا لأنّ هذا العالم العربي العظيم قد جرى تمزيقه وعلى هذا النحو، وأنّ إيران «الخامنئية» قد تجاوزت الحدود كلها، وإنها عندما تحتل هذا الجزء من اليمن الذي كان سعيداً بالفعل قبل أن ينقلب تاريخ هذه المنطقة من «الجنب» العربي الفعلي والحقيقي والشرعي إلى هذا «الجنب» الإيراني… وإلى هذا «الجنب» الصهيوني وإلى كل هذا الذي نواصل رؤيته… صبحاً ومساءً وفي الأوقات كلها!!
وبالطبع، فإن الحكمة التي قد اتبعها أبناء هذه الأمة «الواحدة ذات الرسالة الخالدة» حقاً وفعلاً هي رسالة الإسلام العظيم… ورسالة الأديان السماوية كلها، والمؤكد أنّ حركة التاريخ المزعزع حالياً «ستتعدل» بالتأكيد… وهنا فإنّ من يشك ويشكك في هذا عليه أنْ يقرأ المسيرة التاريخية العربية البعيدة قراءة جيدة ليتأكد من أنّ هذه الأمة قد واجهت ما هو أكثر مأساوية مما تواجهه الآن… فالآن ومع كل هذه التحديات، فإن الوضع يبقى أخف وطأة مما كان قد واجهه العرب على مدى حقب التاريخ البعيد والقريب… وهذا إنْ في العهد العثماني وقبله… وحيث إنه قد كان هناك ما سُمي الحروب الصليبية… وكانت هناك كل تلك الاحتلالات التي لم تستثنِ بلداً عربياً واحداً، وهذا مع التأكيد على أن الوضع العربي بصورة عامة قد بات يلعب أدواراً رئيسية وفي أربع رياح الكرة الأرضية.
وهكذا وعليه، فإنّ هذه الاحتلالات كلها ستزول حتماً كما زالت احتلالات كثيرة سابقة كالاحتلال الفرنسي الذي كان قد جثم على صدر الجزائر، جزائر الشهداء العظام، سنوات طويلة أي لمائة واثنين وثلاثين عاماً، وهنا وحتماً وبالتأكيد فإنّ إسرائيل سترضخ لصوت العقل لا محالة، كما أنّ الذين تسللوا إلى هذا العالم العربي في لحظة تاريخية مريضة سيخرجون منه… علاوة على هذا الاحتلال الإيراني الذي شمل العراق وسوريا ولبنان وبعض اليمن الذي سيعود سعيداً وبالتأكيد وذلك بعد إخراج هؤلاء المحتلين كلهم منه، وهم بالتأكيد سيخرجون منه كما خرج الفرنسيون من الجزائر… بعد سنوات دامية طويلة.
الشرق الأوسط