الإفك الإيراني
إبراهيم النحاس
إن الإفك العظيم الذي أطلقه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية يفضح بشكلٍ مباشر سياسات إيران المتطرفة والإرهابية والإجرامية تجاه المجتمع الإقليمي والدولي، وفي نفس الوقت يشهد للمملكة اعتدال سياساتها ومنهجها، وسمو أخلاقها وتعاملها، ورُقي سلوكياتها وممارساتها، ومدى التزامها بالقانون الدولي البنَّاءَ..
أربعون عاماً مضت، ومازال النظام الإيراني “الخُميني” بعيداً تماماً عن مفهوم الدولة الحديثة التي وُضعت أُسسها الأولى بمؤتمر ويستفاليا عام 1648م، واكتملت عناصرها ومبادئها وقيمها بنهاية الحرب العالمية الثانية وتأسيس منظمة الأمم المتحدة عام 1945م. فمُنذُ أن استولى “الخُميني” على السلطة في طهران، تبنَّت إيران في سياساتها الخارجية منهجاً وأسلوباً وممارسة أقرب لمنهج وأسلوب وممارسة دولة العصور الوسطى التي يغيب فيها القانون الدولي، وتنتهك فيها الأعراف والتقاليد، وتكثُر فيها الدسائس والمؤامرات، وتُمارس فيها الأكاذيب والافتراءات، وتُستغل فيها العقائد والايديولوجيات، وتُوظف فيها الشعارات الطائفية والقومية، وتُسلب فيها ثروات ومقدرات الشعوب، وتندُر فيها المعلومات ووسائل الاتصالات. نعم، قد يصعب على المرء تخيل واقع العصور الوسطى وكيف كانت الدول تتعامل مع بعضها البعض ومع محيطها الجغرافي، إلا أن نظرة على واقع ومنهج وسياسات وسلوكيات النظام السياسي “الخُميني” في إيران يُساعد كثيراً على معرفة كيفية تصرُف دول العصور الوسطى في سياساتها الخارجية.
قد تكون الشواهد والأمثلة التي تؤشر لمدى همجية وإجرامية النظام السياسي الإيراني -في سياساته الخارجية على مدى أربعين عاماً- لا حصر لها، إلا أن تلك الهمجية والاجرامية أُضيفت لها سلوكيات وممارسات تتنافى تماماً مع المبادئ والقيم الدينية والقانونية، وتتناقض تماماً مع التطور والتقدم العظيم في مجالات الاتصالات ونقل المعلومات الذي تعيشه البشرية في وقتنا الحاضر. فنظام “الخميني” -الذي مازال يعيش في العصور الوسطى- يعتقد بأنه المصدر الرئيس والوحيد للمعلومات على المستويات كافة، وبأنه القوة الوحيدة القادرة على توجيه الرأي العام داخلياً وخارجياً، وبأنه النظام الفريد من نوعه والمُتميز في سلوكه وممارساته عن باقي أطراف المجتمع الدولي. هذا الإيمان اللامتناهي الذي وصل له نظام “الخميني” جعله يُمارس باستمرار الكذب بلا خجل، والتضليل من غير رادع ديني أو قانوني، والتدليس من غير رادع أخلاقي أو إنساني، والافتراءات المُتواصلة من غير أدلة أو شواهد، حتى أنه لم تسلم دولة أو إقليم، أو منطقة، أو مجتمع، أو رأي عام من شرور أكاذيبه، ووضاعة ضلالاته، ودناءة افتراءاته.
وبما أن نظام “الخميني” لا يخجل من الكذب والتضليل والتدليس والافتراء، فقد أبى إلا أن يواصل أكاذيبه التي لم تتوقف إطلاقاً تجاه المملكة ساعياً من جديد لتشويه صورة المملكة أمام المجتمع الدولي، ومحاولاً من جديد استغفال الرأي العام الإقليمي والدولي. ولعل آخر الأكاذيب والافتراءات الإيرانية المُستمرة تجاه المملكة تلك التي أطلقها المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده -التي نقلها موقع فرانس 24 العربي في 20 ديسمبر 2021م- وجاء فيها قوله: “إن إجراء مزيد من المحادثات مع السعودية يتوقف على جدية الرياض”، وأضاف قائلاً: “ندعو الرياض لاتباع نهج دبلوماسي وسياسي واحترام مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وهذا هو السبيل الوحيد للمضي قدماً في المنطقة”.
إن الذي تضمنته تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده تجاه المملكة يتجاوز الأكاذيب المُعتادة، والتضليل المستمر، والافتراءات المتواصلة، والتدليس المعهود عن النظام الإيراني المُتطرف، ليصل إلى مرحلة متقدمة جداً من مراحل الإفك العظيم بهدف إلحاق أضرار كبيرة بسمعة ومكانة المملكة العالمية، وسعياً حثيثاً لخدش صورة قادتها الكِرام خُدام الحرمين الشريفين الذي استطاعوا -بفضل الله- الوقوف بحزم لا يلين في وجه مُخططات إيران التدميرية والتخريبية في المنطقة العربية وفضح سياساتها الإرهابية عالمياً. إن الإفك العظيم الذي تضمنته تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية يُعبِر عن حالة البؤس واليأس المتقدمة التي وصل لها نظام “الخميني” -نتيجة لسياساته المُتطرفة والهمجية والإجرامية تجاه المنطقة العربية والإقليمية والدولية- والتي قد تؤدي أو تقود لزعزعة أمن وسلم واستقرار المجتمع الإيراني. وبما أن نظام “الخميني” أُسس على مبادئ طائفية وعرقية، وبُني على قيم هدامة وتخريبية، فإنه غير مؤهل لبناء اقتصاد تنموي ومجتمع متماسك، وغير قادر على بناء دولة متحضِرة سياسياً وبنَّاءَة دولياً، فآثر أن يُهاجم المملكة -الدولة الأقدر على مواجهة وفضح مُخططات ايران الهدامة – وسعى لِخدش صورة قيادة المملكة الكريمة صاحبة الرؤية الطموحة الهادفة لتنمية وتطوير وتحديث المملكة لتكون في مصاف دول العالم المتقدم والصناعي.
إن الإفك العظيم الذي أطلقه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية يفضح بشكلٍ مباشر سياسات إيران المتطرفة والإرهابية والإجرامية تجاه المجتمع الإقليمي والدولي، وفي نفس الوقت يشهد للمملكة اعتدال سياساتها ومنهجها، وسمو أخلاقها وتعاملها، ورُقي سلوكياتها وممارساتها، ومدى التزامها بالقانون الدولي البنَّاءَ.
على مدى أربعين عاماً، تجاوزت إيران مبادئ حُسن الجوار الجغرافي، وقيم التعاملات الأخلاقية والسلوكية، وقواعد القانون الدولي، فعملت على التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وسعت لزعزعة أمن وسلم واستقرار المجتمعات المُسالمة والنُظم السياسية المُعتدلة، وتبنَّت التنظيمات والجماعات المتطرفة والإرهابية، وأنشأت ورعت الميليشيات الطائفية والعنصرية، ودعمت الأحزاب الإرهابية وحرضتها للانقلاب على الحكومات الشرعية. هذه حقيقة إيران التي تحاول -عبر إفك المتحدث باسم وزارة خارجيتها- دفع سوآتها وعيوبها العظيمة بالتدليس والأكاذيب والافتراءات اللامتناهية تجاه المملكة وشعبها الوفي وقيادتها الكريمة. إن إيران المتطرفة التي خابت وفشلت فشلاً ذريعاً -على مدى أربعين عاماً- من الإضرار بمكانة المملكة العالمية، وزعزعة المجتمع السعودي، وخدش صورة قادة المملكة الكِرام أمام المجتمع الدولي، ستواصل سياساتها المُتطرفة والهدامة، وأكاذيبها وافتراءاتها اللامتناهية، تجاه المملكة والمنطقة والعالم، لأن “الخُميني” أسسها على منهج واحد وهو منهج الهدم والتخريب ونشر الفوضى في أي مكان تتمكن من الوصول إليه.
وفي الختام من الأهمية القول بأن مواجهة الإفك الإيراني وفضحه وتحذير الرأي العام الإقليمي والدولي من آثاره السلبية على المجتمعات المُسالمة سهلٌ يسير إن مُكنت ووُظفت الموارد البشرية المؤهلة توظيفاً صحيحاً في المجالات العلمية والفكرية والإعلامية، ووضعت الاستراتيجيات القادرة على تعظيم الإيجابيات القائمة ومعالجة السلبيات المُعطلة. إنها معادلة سهلة الفهم والإدراك، ومُمكنة التطبيق والتنفيذ لمواجهة مخططات النظم السياسية المُتطرفة سواء كانت إيران أو غيرها من النظم الهدامة.
* نقلا عن ” الرياض”