إيران…الثورة ضد الملالي تنتظر إشعال الفتيل
مؤشرات وهن "الأمبراطوريات"، أو تلك الساعية لتكون واحدة، لا يُمكن تكذيبها جيوسياسيّاً بادّعاء تحقيق "انتصارات وهمية" من هنا أو احتلال "مكانة مرموقة" بين "الكبار" من هناك
مؤشرات وهن “الأمبراطوريات”، أو تلك الساعية لتكون واحدة، لا يُمكن تكذيبها جيوسياسيّاً بادّعاء تحقيق “انتصارات وهمية” من هنا أو احتلال “مكانة مرموقة” بين “الكبار” من هناك. وهذا ما ينطبق بالذات على “الأخطبوط الإيراني”، “رجل الشرق الأوسط المريض” السائر على خطا السلطنة.
“الأخطبوط الإيراني” ذو الأذرع المتغلغلة في المنطقة المنكوبة، أضحى مريضاً يُنازع الموت، ولو أن إعلان وفاته مؤجّل حتّى تنفجر حمم غضب الشعوب في إيران وتدق “المسمار الثوري” الأخير في “نعش” نظام الملالي، الذي جهّزه بيدَيه من حيث لا يدري، كما تفعل عادة هكذا أنظمة ثيوقراطية. وبالتالي، فإنّ المرض يبدأ من “قمّة الهرم” في طهران ويمتدّ على طول الأذرع وعرضها على المسرح الإقليمي. قبل هجوم 7 أكتوبر 2023، كانت قوّة “الأخطبوط” تكمن بأذرعه الفاعلة والفتاكة، لكن تداعيات “طوفان الأقصى” بدّلت موازين القوى وقلبت السحر على الساحر.
بدأت قوى إقليمية ودولية “تسجّل نقاطها” أو “تحصد مكاسبها” من جرّاء تضعضع الأذرع في المواجهة مع إسرائيل، من غزة مروراً بلبنان وصولاً إلى سوريا، فيما ينتظر العراق واليمن دورهما. وبينما سُحقت طهران في غزة وعُطبت في لبنان، يتصدّر “الميدان السوري” المشهد حاليّاً، معرّياً “الجرح العميق” في جسم “الأخطبوط” الذي “ينزف نفوذاً” بغزارة، ومهدّداً مصالح الملالي الحيوية، ما يضعها في مهب رياح التغييرات العاتية التي تعصف بـ “الهلال الولائي”.
لم تتمكّن “إيران المؤدلجة” من “إضفاء” أي “تأثير ناعم” سوى على المؤمنين بـ “ولاية الفقيه”، لا بل إن منطق “المواجهة الأبدية” التي عبّر عنها صراحة المرشد علي خامنئي حين حسم في آب الماضي أن “المعركة بين الجبهة الحسينية والجبهة اليزيدية مستمرّة ولا نهاية لها”، يوغل في نكء “جراح تاريخية” واستحضار أحداثها المأسوية بهدف “التعبئة العقائدية”، بيد أن هذا “النهج الهدّام” يُعيد “اجترار التاريخ” والتخندق في “أنفاقه المميتة”.
إن وضعية “الأخطبوط” المعطوب، عندما تنكسر شوكة “القوّة الصلبة” في “الكباش العسكري”، من الصعب للغاية تعويض الخسائر في غياب “القوّة الناعمة”، فكيف إذا كان “الرأس” يتوجّس إعادة إحياء ثورة “المرأة، الحياة، الحرّية” من تحت جمر المعاناة اليومية في إيران؟
يؤكد مراقبون أن شوارع إيران ومقاهيها وحُرُم جامعاتها التي تتزيّن بالنساء والفتيات غير المحجّبات، رغم عواقب هذه الخطوة الجريئة، تجسّد حال “العصيان” المتصاعد الذي تقوده المرأة المتمرّدة على واقعها المزري والرافضة للخضوع للملالي وأوامرهم وتشريعاتهم، ولو دفعت “الثمن الأغلى”. وهنا تتبدّى قوّة الثورة المستمرّة التي لا تقوى “القوى الظلامية” على قمعها.
الأرضية أضحت مهيّأة لإطلاق “مرحلة محدّثة” في درب “ثورة الحرّية” الشاق، الأمر الذي يُحفّز طهران أكثر على الإسراع لإيجاد “حلول وسطى” لعلاقاتها الشائكة مع الغرب، في سعيها إلى إبرام “صفقة جديدة” مع ترامب في ولايته الثانية، لأنّ تفعيل الرئيس الأميركي القادم سياسة “الضغوط القصوى” سيركع الجمهورية الإسلامية المُنهكة اقتصاديّاً أصلاً، ما قد يُسهّل إشعال فتيل “قنبلة” الشارع الإيراني، حيث يطمح معارضون إلى اغتنام الفرصة السانحة لقلب المعادلة الداخلية.
لم يُصدّق كثيرون أولئك الذين توقّعوا انهيار الاتحاد السوفياتي، حتّى أنّهم اندهشوا بسقوطه العظيم. ومن يرفض تخيّل طيّ الإيرانيين صفحة الملالي اليوم، ستُفاجئه سواعد الأحرار في إيران. إنّ غداً لناظره قريب.