أهم الأخبارمقالات

هل يدفع الاستخدام الروسي للمسيرات الإيرانية إلى تسليح إسرائيل لأوكرانيا؟

 

بيل ترو

قد يكون أكبر تطور بالنسبة إلى روسيا في إطار حربها على أوكرانيا هو نشر المسيرات الانتحارية القوية. خلال الأسابيع القليلة الماضية، استخدمت روسيا الطائرات المسيرة والصواريخ في ضرب بنى تحتية حيوية في أوكرانيا. وأسفرت الهجمات عن إلحاق الضرر أو الدمار الكلي بـ 40 في المئة من منشآت الطاقة، كما قال لي المسؤولون الأوكرانيون.

ولهذا السبب، اضطر البلد إلى الحد من استخدام التيار الكهربائي في كل أرجاء البلاد. قد يكون انقطاع التيار الكهربائي المتكرر أمراً قاتلاً مع اقتراب شتاء قاس.

ووجهت أوكرانيا، إلى جانب المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، الاتهام إلى إيران بتزويد الروس بهذه المسيرات، في انتهاك للقرار [الأممي] الصادر في عام 2015 [عقب توقيع الاتفاق النووي]. كما دعمت هذه البلدان الأربعة مطالبة كييف الأمم المتحدة بفتح تحقيق في الموضوع. وتكرر إيران من جهتها نفيها القاطع لمسألة إمدادها للمسيرات، وقد هاجمت كذلك تحقيق الأمم المتحدة المحتمل.

لكن الأسبوع الماضي فقط، زعم البيت الأبيض بأنه ليست المسيرات الإيرانية التي تنتشر (في أوكرانيا) وحسب، بل قال كذلك إن المدربين الإيرانيين والعاملين في الدعم التقني موجودين فعلياً في شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا، ويساعدون في إطلاق هجمات المسيرات على أوكرانيا.

بالتالي، إضافة إلى مناشداتها بفتح تحقيق، التمست كييف الدعم من إسرائيل، عدو إيران اللدود، وطلبت تحديداً الحصول على القبة الحديدية، نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي القوي. ويدعم مسؤولو الدفاع الأوكرانيون طلبهم بقولهم إنه لن يساعد أوكرانيا وحدها، بل “سيكون جيداً لإسرائيل كذلك”.

وقال لي يوري سوناك، مستشار وزارة الدفاع الأوكرانية، هذا الأسبوع من كييف “تستخدم إيران أوكرانيا كميدان لاختبار هذه الطائرات المسيرة. وهي تحاول أن تكتشف نقاط قوتها وضعفها. سوف يطورون هذه المسيرات هنا ثم سيقومون في يوم ما بإطلاق نسخ مطورة منها على إسرائيل “.

حتى الآن، رفضت إسرائيل قطعياً تزويد كييف بالأسلحة واقتصرت مساعدتها للبلاد في الإغاثة الإنسانية ومعدات الحماية. وفي الآونة الأخيرة، عرضت إسرائيل أن تساعد الأوكرانيين في تطوير أنظمة إنذار للمدنيين للتنبؤ بالهجمات الجوية الوشيكة، وهي آلية من شأنها إنقاذ الأرواح، بحسب تعبير المسؤولين الإسرائيليين. لكن الدعم الذي قدمته لم يتخط هذا الحد.

كما لم تنضم إسرائيل إلى العقوبات الدولية المفروضة على روسيا. إذ قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتز، يوم الأربعاء الماضي، إن موقفهم لم يتغير، وصرح بأن إسرائيل لا تريد الدخول في الصراع عن طريق توفير أنظمة القتال “لأسباب واضحة”.

لكن ضغوطاً تمارس على إسرائيل لكي تغير موقفها. وتابع ساك في حديثه معي من كييف، “امتناعهم عن مساعدتنا سيأتي بنتائج عكسية عليهم. فإذا ما أرادوا حماية أنفسهم، فعليهم تزويدنا بالنظام المضاد للمسيرات”. وشدد بأن أي هجوم على أوكرانيا يمكن تكراره بسهولة ليستهدف إسرائيل.

إنه موقف صعب بالنسبة إلى إسرائيل التي دانت علناً غزو الرئيس بوتين لأوكرانيا، وقالت في بداية الحرب إنها “انتهاك خطر للنظام الدولي”.

في إسرائيل، يتحدث ما لا يقل عن 15 في المئة من السكان هناك اللغة الروسية، وهم يعتبرون أكبر أقلية يهودية وفقاً لمركز الأبحاث الأميركي “ويلسون سنتر” Wilson Centre. كما استقر في إسرائيل أكثر من مليون روسي في العقد الذي تلا انهيار الاتحاد السوفييتي.

إسرائيل تعتمد أيضاً على اتصالاتها الوثيقة بموسكو في ما يتعلق بجارتها سوريا العالقة في براثن الحرب. فبعد التدخل الروسي في الحرب الأهلية السورية في عام 2015، أسست إسرائيل “آلية لتفادي التضارب” كي لا يشتبك الطرفان بلا قصد أثناء الضربات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية ومخازن الأسلحة وعمليات نقل الأسلحة في تلك الدولة العربية المجاورة.

صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية كانت أفادت أيضاً بأن إسرائيل قلقة كذلك من أنها في حال تزويدها لأوكرانيا بالسلاح، فإن روسيا قد ترد على ذلك بتزويد سوريا بأنظمة تعوق ضرباتها الجوية هناك.

وتفيد تقارير بأن مسؤولي الدفاع الإسرائيليين يخشون أن تستخدم أوكرانيا أنظمتهم الدفاعية لإسقاط طائرات روسية. وهم يخشون أن تحمل إسرائيل المسؤولية عن أي خسائر في أرواح الطيارين الروس.

بالتالي، تدفع الحرب الأوكرانية، والطلب الأوكراني المباشر والعلني للتسليح أخيراً، بالموقف الإسرائيلي الساعي للحفاظ على التوازن إلى درجة الانهيار. من غير الواضح كيف ستتصرف إسرائيل. تشير بعض الدلائل إلى أن هذا الموقف قد يتغير مع تدهور الوضع في أوكرانيا واستمرار الحرب.

هذا وقد ذكرت “هآرتس” الأسبوع الماضي، نقلاً عن مسؤول دبلوماسي أوكراني كبير لم تسمه، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد قد تعهد بأن تقوم إسرائيل بمزيد لأوكرانيا في حال بقائه في موقعه بعد انتخابات الأسبوع المقبل.

من المحتمل أن لابيد لا يريد أن يعد أوكرانيا بتزويدها بالأسلحة قبل الانتخابات العامة التي ستعقد في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، ربما لأنه لا يرغب في خسارة دعم الناخبين الناطقين باللغة الروسية. وربما لا يريد أن يزعزع الوضع من الناحية الأمنية في هذه المرحلة الحرجة، فانتخابات هذا الأسبوع هي الخامسة في أقل من أربع سنوات، إذ تعاني إسرائيل بدورها أزمة سياسية خاصة بها.

على أية حال، تستمر التداعيات الجيوسياسية للحرب الدائرة في أوكرانيا بالانتشار إلى ما بعد حدود البلد، والتأثير في العالم بأسره. ليست المعضلة الإسرائيلية – الروسية – الإيرانية – السورية سوى العقدة الغوردية التالية، Gordian Knot [مستحيلة الحل].

اندبندنت عربية

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى