مفاوضات وصواريخ على سطح “حزب الله”
روزانا بومنصف
أي مؤشر ينبغي البناء عليه من جانب “حزب الله” بين موافقة أبلغها الى الموفد الأميركي حول الحدود البحرية مع اسرائيل اموس هوكشتاين وما حمله الأخير من اقتراحات أميركية لهذا الموضوع وما يعنيه ذلك، وبين خطاب رفع فيه الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله سقف بناء قدرته الصاروخية والمسيرات المفترض انها موجهة ضد إسرائيل الى الأوج؟
من حيث المبدأ تدحض فرص الوصول إلى اتفاق حول الحدود البحرية أيا كانت طبيعتها وتقاسم الغاز في الآبار المتنازع عليها احتمالات الذهاب الى حرب من جديد على رغم استمرار خيارها قائماً وفق ظروف معينة . فثمة غياب للذرائع حتى مع استمرار احتلال اسرائيل لمزارع شبعا التي ترفض سوريا تسليم لبنان وثائق تثبت ملكيته لها في الوقت الذي يؤدي تسليمها بذلك امتداد الخط الحدودي إلى بحيرة طبريا في الجولان المحتل وفقدان سوريا أراضي إضافية هناك. الايجابية من جانب الحزب على مستويين لافتين: الأولى إزاء الوساطة الأميركية علما أنها ليست جديدة وكانت أساسا في انطلاق الحوار الأميركي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري على مدى سنوات عدة علماً أن لا صلاحية مبدئية لرئيس مجلس النواب أيا يكن في إدارة عملية تفاوض حول ترسيم الحدود البحرية. ولكن المقاربة الاميركية على هذا الصعيد تشكل بالنسبة الى متابعين ديبلوماسيين اقراراً ولو ضمنياً بان العقبة الاساسية أو المعطلة تبقى “حزب الله ” وكذلك القرار النهائي بالنسبة إلى الترسيم، ومن هنا التحاور أساسا مع بري في ظل موانع التحاور مع الحزب المصنف ارهابياً على قوائم العقوبات الاميركية.
تجدر الاشارة الى ان سياسيين كثراً توقعوا أن يعمد الحزب، على رغم الاقتناع بأن القرار ليس قراره في نهاية الأمر، بل قرار إيراني مدعم بكل الكلام لدى قيادة الحزب بما في ذلك في خطابه الأخير عن دعمه بالسلاح من إيران عدا عن المقومات الاخرى، إلى تغيير سلوكياته مع الوقت واعتماده الأسلوب نفسه الذي استخدمه طويلا النظام السوري. فهذا الأخير كسب بقاءه على رغم ما حصل لسوريا على يده بفعل محافظته طوال عقود على اتفاق ربط النزاع مع اسرائيل في الجولان وكان ضامناً لأمنها على طول الخط.
أما المستوى الآخر فهو ما يرتبه ترسيم الحدود وتقاسم الثروات البحرية من مقاربات مختلفة حتماً ولو من دون التخلي عن العداء لاسرائيل ورفض التطبيع معها. الاشادات الدولية بهدوء الوضع في جنوب لبنان من دون أي حادث يذكر منذ العام 2006 وعلى خلفية عبارة للامين العام للحزب غدا مشهوداً بها “لو كنت أعلم ” للدلالة على عدم سهولة اللجوء الى الحرب مجدداً ما دام أخذ العلم بذلك يؤخذ في الاعتبار على رغم كل الضجيج الخطابي. اذ ومن موقع نفوذه على القرار اللبناني يظهر الحزب قدراً من المرونة الديبلوماسية في موضوع ترسيم الحدود مع اسرائيل ويحافظ على وتيرة مرتفعة من التهديدات ربطاَ بسياسة خارجية يوجهها هو ولكن أيضا يبرز قدراته القيادية للولايات المتحدة وكل الاخرين على هذا الصعيد. وينبغي الاقرار بأن التسليم الأميركي بواقع قرار الحزب في موضوع الحدود مع إسرائيل ساهم، وإن كان على سبيل الواقعية والبراغماتية موقعاً متقدما ًساهم بتعاليه على كل الاخرين واقصائه لهم لا بل تجاوزهم كذلك . يظهر بذلك انه الشريك للولايات المتحدة كما لاسرائيل في موضوع ترسيم الحدود ولو ان آخرين يحتلون الواجهة بفعل واقعه ك” تنظيم ارهابي” وسيمكنه ذلك من تحقيق نقاط كثيرة يمكن أن يستفيد منها في الانتخابات النيابية وحتى الرئاسية المقبلة. فورقة ترسيم الحدود ستكون الورقة الرابحة او الضامنة للربح في هذه الحال .
وفي حال إعادة فوز الحزب بالاكثرية النيابية مجدداً في الانتخابات النيابية المقبلة ونتيجة عوامل متعددة لا مجال للدخول فيها في هذا السياق، فان المجتمع الدولي كما العربي سيكون أمام تحدي التسليم بالواقع الجديد أو المتجدد. يخشى أن تغيير السلوكيات هو المطلوب في شكل أساسي أو أقصى ما يمكن ان يطلبه الخارج من لبنان تماماً كما هو جوهر الاقتراحات العربية الخليجية التي حملها وزير خارجية الكويت الى لبنان فيما ان ضبط السلاح موضوع اخر ويخشى ان تكون له اثمان اخرى.
نقلاً عن “النهار”