أخبار الأحوازأهم الأخبارتقارير

ليلة القرقيعان: تراث خليجي يعزز الهوية الثقافية خلال شهر رمضان

تعد “ليلة القرقيعان” واحدة من أبرز التقاليد الشعبية التي يتم الاحتفال بها في بعض دول الخليج العربي، مثل الأحواز، الكويت، السعودية (المنطقة الشرقية)، البحرين، قطر، الإمارات، عمان، وبعض مناطق العراق.

تصادف هذه الليلة غالبا في منتصف شهر رمضان، أي ليلة 14 أو 15 من الشهر الفضيل، حيث يخرج الأطفال مرتدين ملابس تقليدية ملونة ويحملون أكياسا لجمع الحلويات والمكسرات من الجيران، مع ترديد الأهازيج الشعبية الخاصة بهذه المناسبة. وتختلف تسميات هذه الليلة بين الدول الخليجية، فمثلا في قطر تعرف بـ “القرنقعوه”، وفي الكويت والسعودية يطلق عليها “القرقيعان”، بينما تسمى في عمان “القرنقشوه”.

أصل وتاريخ ليلة القرقيعان:

تتعدد الآراء حول أصل تقليد “القرقيعان”، وهذه بعض الآراء الأكثر شيوعا، حيث يربط البعض الاحتفال بولادة الإمام الحسن بن علي (رضي الله عنه) في 15 رمضان من السنة الثالثة للهجرة، حيث يعتقد أن المسلمين الأوائل كانوا يحتفلون بهذه المناسبة بتوزيع الحلوى. يعتبر هذا الرأي من أكثر الآراء انتشارا بين بعض الأوساط الدينية.


فيما يعتقد آخرون أن القرقيعان هو تقليد قديم نشأ من العادات الخليجية المرتبطة بشهر رمضان، حيث كان الأطفال في الماضي يطوفون على البيوت يطلبون الصدقات والدعوات من الجيران، في جو من التضامن والمشاركة الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
بينما يشير بعض الباحثين إلى أن هذه العادة قد تكون ذات جذور قديمة تعود إلى موروثات ما قبل الإسلام، حيث كانت بعض المجتمعات الزراعية تحتفل بمواسم معينة بتوزيع الطعام، مما يعكس ارتباطها بمواسم الحصاد أو الأعياد التقليدية.

مظاهر الاحتفال بالقرقيعان:

تتميز ليلة القرقيعان بعدد من المظاهر الاحتفالية التي تجعلها مناسبة مميزة للأطفال والعائلات في دول الخليج، حيث  يرتدي الأطفال في هذه الليلة ملابس تقليدية مزخرفة، حيث يلبس الأولاد الدشداشة مع الصديري، بينما ترتدي البنات الدراعات المطرزة وأغطية الرأس المزينة. هذه الملابس تعكس الطابع التقليدي والتاريخي للاحتفال.


طواف الأطفال: يخرج الأطفال في هذه الليلة ويطوفون على بيوت الحي حاملين أكياسا أو سلالا لجمع الحلويات والمكسرات. تعتبر هذه الجولة فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية بين الجيران وتبادل الهدايا الرمضانية.
الأهازيج الشعبية: يردد الأطفال أغان وأهازيج شعبية خاصة بهذه المناسبة، وتختلف الأهازيج باختلاف البلدان. في الكويت، على سبيل المثال، يردد الأطفال:
“قرقيعان وقرقيعان، بين قصير ورميضان، عادت عليكم صيام، كل سنة وكل عام.”
بينما في الأحواز يردد الأطفال:
“قرقيعان قرقيعان عادت عليكم، الله يخلي وليدكم.”


الضيافة: تقدم العائلات ضيافة خاصة للأطفال تشمل المكسرات، الحلوى، والشكولاتة، مما يعزز الطابع الاجتماعي والاحتفالي. وتحرص الأسر على توزيع الحلويات الخاصة بهذه المناسبة لتكون رمزا للفرح والتقدير للأطفال.
هل القرقيعان عادة دينية؟ رغم أن هناك بعض الروايات التي تربط القرقيعان بذكرى ميلاد الإمام الحسن (رضي الله عنه)، إلا أن القرقيعان يعتبر عادة اجتماعية أكثر منه مناسبة دينية. لا يوجد دليل شرعي واضح يربطه بعبادة معينة، مما يعني أن هذه الليلة هي تقليد شعبي مرتبط بالفرح والاحتفال بشهر رمضان، بعيدا عن أي طابع ديني رسمي. ووفقا لذلك، ينظر إليها كاحتفال يعكس فرحة شهر رمضان وبهجة الأطفال.
القرقيعان كجزء من التراث الخليجي:

تعتبر ليلة القرقيعان جزءا من التراث الخليجي والعربي الرمضاني، حيث تعتبر مناسبة اجتماعية وثقافية تساهم في تقوية الروابط بين الأسر والجيران. تعكس هذه المناسبة جانبا من التواصل الاجتماعي الذي يميز المجتمعات الخليجية خلال شهر رمضان.

كما أن الاحتفال بالقرقيعان يعزز الهوية الثقافية الخليجية المشتركة بين دول المنطقة، ويظهر كيف أن الأطفال في الخليج يستمتعون بأجواء رمضان من خلال هذه العادات الجميلة.
تظل ليلة القرقيعان تقليدا شعبيا مميزا يعكس الروح الاحتفالية لشهر رمضان في الخليج العربي. ورغم اختلاف الآراء حول أصولها، فإنها تظل جزءا لا يتجزأ من الهوية الثقافية والدينية في دول الخليج، بما يعزز التواصل بين الأجيال والأسر والجيران. وتعتبر القرقيعان رمزا من رموز الفرح والبهجة في رمضان، وتظهر وحدة الشعوب الخليجية والعربية في الاحتفالات والطقوس الرمضانية، مما يساهم في تعزيز التآلف المجتمعي وروح التعاون في هذه الأوقات المباركة.

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى