كل شيء برغبة المرشد
طارق الحميد
عودة العلاقات السعودية – الإيرانية تظهر أن كل شيء في إيران يدار بتوجيه المرشد، وهو وحده صاحب القرار هناك، إلى الآن، ولو رغب لاتخذ قراراً فورياً لإنهاء أزمة الاتفاق النووي شبه الميت الآن.
وكالة «رويترز» نقلت عن مسؤولين إيرانيين قولهما إن «الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي نفد صبره في سبتمبر (أيلول) الماضي، حيال بطء وتيرة المحادثات الثنائية (مع السعودية) واستدعى فريقه لمناقشة سبل تسريع العملية، وهو ما أفضى إلى تدخل الصين».
ونفاد الصبر هذا سببه العزلة والصعوبات التي تواجه النظام الإيراني داخلياً وخارجياً، ولذلك أنجز الاتفاق السعودي – الإيراني لاستئناف العلاقات من خلال مفاوضات مكثفة في بكين، وعلى مدى 5 أيام فقط، بينما الاتفاق النووي يراوح مكانه منذ 3 سنوات تقريباً.
والدليل على نفاد صبر المرشد والرغبة الملحة على عودة العلاقات مع الرياض، هو حضور وفد إيراني مختلف بالصين، وبحسب مصادر، فإن «من كانوا يمثلون طهران في بكين كانوا يمثلون السلطة الحقيقية، وليس أصحاب البدل المنمقة».
ومن ضمن الحضور أيضاً ممثل عن الحرس الثوري، ورغبة طهران أثناء الجولات الخمس بالتفاوض مع السعودية كانت أن يلتقي السعوديون ممثلاً عن الحرس الثوري. وهو الأمر الذي لم يحدث، لأن المفاوضات كانت بين دولتين، لا دولة وأجهزة.
وعندما نفد صبر المرشد وأراد الإسراع بعودة العلاقات، وتقديم التعاون المطلوب، استجابت إيران بالشكل المطلوب، بل إن جل التابعين لإيران في المنطقة تفاجأوا بعودة العلاقات.
وتقول المصادر إن حزب الله، مثلاً، قد تفاجأ.
وبشار الأسد نفسه قال بمقابلة أجريت معه في روسيا، إن خبر عودة العلاقات السعودية – الإيرانية يعد «مفاجأة رائعة»، بينما كانت السعودية تتصرف طبيعياً، حيث اطلاع الحلفاء عن الاتفاق «بالمواعيد المناسبة».
وعليه فإن السؤال الآن: لماذا تتلكأ إيران بإنجاز الاتفاق النووي، أو التجاوب مع فكرة مبادرة أفضل، بينما أنجزت اتفاقاً سريعاً مع السعودية؟ فهل هدف إيران الأخير هو الوصول إلى السلاح النووي؟ مما يعني أن طهران تقوم بمغامرة غير محسوبة العواقب على نفسها والمنطقة.
المفاوضات السعودية – الإيرانية لم تتطرق للملف النووي، وهذا مفهوم، لأن موقف الرياض واضح تجاه الملف النووي، حيث ترفض انتشار الأسلحة النووية في المنطقة ككل، وما زال موقف الرياض كما هو حتى بعد عودة العلاقات مع إيران.
وموقف الرياض هذا واضح، لأن هذه قضية يجب أن تعيها القوى الغربية، بحيث من الضرورة أن تكون دول المنطقة، وأولاها السعودية، ممثلة في أي خطوة لإحياء الاتفاق النووي مع إيران، إذا كان ذلك ممكناً الآن. والمعلومات أن هناك محاولات لإحياء الاتفاق.
خلاصة القول أن الاتفاق السعودي – الإيراني في بكين يقول إن المرشد هو صاحب القرار، ويستطيع إنجاز الاتفاق النووي بالسرعة المطلوبة، خصوصاً أن لا أحد يصدق «فتوى تحريم امتلاك القنبلة النووية» التي ترددها إيران.
ولذا فإن السؤال هنا: هل يفاجئ المرشد الجميع ويسمح بإنجاز الاتفاق النووي بسرعة، وكما حدث بالاتفاق مع السعودية؟ أم يبقى الخطر مستمراً على الجميع؟