
قرن علي الاحتلال
حسين علي الأحوازي
مع بداية الاحتلال الفارسي للأحواز، ظهرت حركاتُ التحرر العربية التي تبلورت بأشكال مختلفة عبر جهودٍ مُتواضعةٍ من أبناء الشعب الأحوازي المتعلمين المستنيرين. إلا أن تلك الجهود لم تُغطِّ المساحةَ الجغرافيةَ الشاسعةَ للأحواز لتكون نواةً للتخلص من الاحتلال، فشكَّل هؤلاء الشبابُ مجموعاتٍ سريةً في مدنهم لدعم الحراك الثوري، رغم عدم توافر الموارد الكافية لاستمرارهم بشكلٍ ممنهج. ومع ذلك، سجَّل هذا العملُ الثوري انتصاراتٍ متفرقةً من حينٍ لآخر.
كان عدمُ استقرار البنية الاجتماعية في الدولة الإيرانية غير المتجانسة في منظومتها القومية والثقافية والتاريخية، إضافةً إلى التباين الواضح بين الشعوب المختلفة في هذه الجغرافيا، سبباً قوياً لمواجهة الاحتلال بكل الوسائل.
اتبع النظامُ المحتل أدواتٍ مختلفةً لمجابهة الثورات، فاستخدم العقيدةَ الشيعيه والأيديولوجيات المستحدثة كسلاحٍ للقمع والترهيب، كما استمال بعضَ ضعاف النفوس لإخماد تلك الحركات المنتشرة من الشمال إلى الجنوب فيما يُعرف اليوم بإيران.
في الأحواز، التي تضم قاعدةً عربيةً وإسلاميةً راسخةً، حرصت هذه القاعدةُ على حماية المجتمع من الانحراف عبر العصور. لكن المحتل عمل على تحريف تلك العقيدةِ الدينيةِ بشكلٍ ممنهجٍ، ونشر الأيديولوجيةَ الشيوعيةَ في أوساط المستوطنين بدعمٍ بريطانيٍ واضحٍ.
نشأ عن ذلك صراعٌ أيديولوجيٌ في عبادان ومناطق أخرى كرامز وشوش والخفاجية والبستين والمحمرة ، مما أثَّر على الهوية العربية لتلك المناطق.
تأثر الشارعُ الأحوازي آنذاك بالمدِّ القومي العربي، بينما استغل النظامُ الإيراني المدَّ الإسلامي والمشاعرَ الدينيةَ لمواجهة التهديد القومي المتنامي.
بعد الإطاحة بالنظام البهلوي، تطلَّع الشعبُ الأحوازي نحو الحرية وأرسل وفداً إلى الخميني للمطالبة بحقوقه، لكن وعودَ النظام الجديد تبخرت، وقُمعت انتفاضاتُهم بعنفٍ، لا سيما في مذبحة المحمرة (الأربعاء الأسود)، التي أصبحت محفزاً للنضال ضد الاحتلال.
واصلت المجموعاتُ اليساريةُ الإيرانية، كحزب تودة، محاولاتِها لدمج الأحوازيين في الهوية الفارسية، بينما استخدم النظامُ القمعَ لتكريس الاحتلال.
اليوم، بعد قرنٍ من الاحتلال، يحين الوقتُ لإنهاء هذه المرحلة الدموية، والتخلص من دولةٍ عنصريةٍ فاشلةٍ، واستعادة الحقوق المغتصبة عبر نضالٍ مشروعٍ يؤمن بإرادة الشعب الأحوازي الأصيل.
إنَّ جذوةَ النضال لن تنطفئ، وبإيمانكم وصبركم، سنطردُ المحتلَ الغاشم.
عاش شعبُ الأحواز المقاوم.