خطر النزوح: كيف تؤثر الغارات الإسرائيلية على حياة المدنيين في لبنان؟
يشهد لبنان حالياً موجة نزوح غير مسبوقة من جنوب البلاد باتجاه العاصمة بيروت، مما أدى إلى ازدحام خانق على الطرقات الرئيسية. يتجه العديد من السكان، الذين اضطروا لمغادرة منازلهم، نحو العاصمة هرباً من الغارات العسكرية الإسرائيلية على موقع حزب الله في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت، ما تسبب في ازدحام كبير في محطات الوقود الواقعة على الخط الساحلي الممتد من الجنوب إلى بيروت.
وتشهد مناطق جنوب لبنان والبقاع حالة من التوتر المتصاعد مع استمرار تواجد مكثف لطائرات الجيش الإسرائيلي في أجواء المنطقة فى ظل تصاعد الغارات العسكرية على مواقع حزب الله في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت.
وأفاد العديد من السكان بأنهم يشعرون بالقلق من تصاعد الغارات الجوية، مما دفعهم إلى إخلاء منازلهم والتوجه نحو الشمال بحثاً عن الأمان.
وأوضح سكان محليون أن الطائرات الإسرائيلية تحلق بشكل مستمر، مما يثير مخاوف من أن القصف قد يستمر لعدة أيام على الأقل. وقد أدى هذا الوضع إلى حالة من الاستنفار في صفوف الأهالي، حيث يواجه الكثيرون تحديات كبيرة في ظل تصاعد القصف والخوف من تدهور الوضع الأمني.
شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات جوية مكثفة استهدفت الأحياء السكنية في بلدة النبطية الفوقا، مما أسفر عن سقوط إصابات، بما في ذلك شهيد واحد وجريح. تأتي هذه الهجمات في إطار تصعيد عسكري مستمر من قبل إسرائيل في جنوب لبنان، حيث طالت الضربات الجوية أيضاً منازل في بلدات طورا ومعروب وبرج قلاوي ومجدل زون.
بالإضافة إلى ذلك، شملت الغارات الأطراف الشرقية لعدة قرى في قضاءي صور وبنت جبيل، مثل الشهابية وساحة قلاوي وجناتا والرمادية وكفررمان. وأدت هذه الهجمات إلى حالة من الرعب والهلع بين السكان، الذين يعانون من عدم الاستقرار والأوضاع الأمنية المتدهورة.
في السياق نفسه، أشار عدد من النازحين إلى أنهم اضطروا لمغادرة منازلهم بشكل عاجل، حيث لا تزال القذائف تتساقط في مناطقهم، مما يجعل العودة إلى ديارهم غير ممكن في الوقت الحالي. ويعكس هذا الوضع الإنساني القاسي الظروف الصعبة التي يعيشها السكان في هذه المناطق.
وطالب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، يوم الإثنين سكان القرى اللبنانية بمغادرة منازلهم على الفور حفاظاً على سلامتهم، وذلك في أعقاب شن الجيش الإسرائيلي “ضربات مكثفة” على أهداف تابعة لحزب الله جنوبي لبنان.
وخلال مؤتمر صحفي بعد الضربات، أكد هاغاري أن إسرائيل تعتزم استهداف أهداف إرهابية في لبنان خلال الفترة المقبلة، وحذر السكان من التواجد بالقرب من المنازل أو المنشآت التي يُعتقد أن حزب الله يخفي فيها أسلحته. وقال: “حزب الله يعرضكم ويعرض عائلاتكم للخطر”، مشيراً إلى أن الحزب يستخدم المنازل المدنية لتخزين صواريخ كروز، وقذائف صاروخية، ومنصات إطلاق.
وأوضح هاغاري أن الجيش الإسرائيلي يقوم برصد هذه الأنشطة بدقة ويعمل على تدمير الوسائل القتالية عبر غارات دقيقة. كما أشار إلى أن إسرائيل بدأت قصف مواقع حزب الله بعد رصد مؤشرات على عزمه إطلاق النار نحو الأراضي الإسرائيلية.
رداً على سؤال حول إمكانية القيام بتوغل بري في لبنان، أكد هاغاري أن الجيش “سيفعل كل ما يلزم لإعادة الأمن إلى شمال إسرائيل”.
يأتي هذا التصعيد في ظل الأوضاع الأمنية المتوترة بين إسرائيل وحزب الله، حيث تُظهر التطورات الأخيرة تزايد التوترات العسكرية في المنطقة. ويدعو السكان إلى اتخاذ تدابير أمنية والاعتماد على المعلومات الموثوقة لمتابعة تطورات الأحداث، في الوقت الذي تستمر فيه الجهود الإنسانية لمساعدة المتضررين من النزاع.
تمثل هذه الموجة من النزوح أكبر حركة للمدنيين منذ بدء التوترات، حيث شملت مناطق بعيدة عن خطوط المواجهة الأمامية، بما في ذلك قرى وبلدات مثل بنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا والنبطية وصور والزهراني، وصولاً إلى المناطق المحيطة بمدينة صيدا، التي تُعتبر بوابة العبور إلى الجنوب.
وقد بدأ النزوح بعد إعلان الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في السابع من أكتوبر 2023، عن فتح جبهة جديدة في جنوب لبنان لدعم غزة.
استجابةً لحركة النزوح الواسعة، أمرت السلطات اللبنانية يوم الاثنين 23 سبتمبر بفتح المدارس والمعاهد لإيواء النازحين. وفي سياق متصل، أعلن وزير التربية اللبناني، عباس الحلبي، عن إيقاف العمل في مدارس الجنوب لمدة يومين، مع تأجيل الدراسة الجامعية في كافة أنحاء البلاد.
وعبر النائب اللبناني جيمي جبور عن الحاجة إلى استخدام مباني المدارس كأماكن للإيواء، مشيراً إلى ضرورة اتخاذ قرار بتأخير انطلاقة العام الدراسي لحين انتهاء أزمة النزوح.
تشير هذه التطورات إلى تساؤلات كبيرة حول الوضع الأمني والإنساني في لبنان، حيث يعتقد بعض المراقبين أن إسرائيل قد تسعى لخلق معادلة تهجير متبادل بين الجانبين، مما يعيد النازحين في شمال إسرائيل مقابل إعادة النازحين اللبنانيين إلى مناطق الجنوب.
تتواصل هذه الأحداث في إطار تصاعد التوترات العسكرية، مما يزيد من القلق حول مستقبل المدنيين في المنطقة ويثير المخاوف بشأن سلامتهم وأمنهم.