«حزب الله» يُسقط شعار «هيهات منّا الذلة»!
هشام حمدان
لطالما رفع حزب إيران شعار “هيهات منّا الذلّة”. لكنّ بالنسبة إليه، لا ذلّة فيما يحصل من معاناة للبنانيين. الذلّة لا ترتبط بحالة اللّبنانيين وتردّي حالتهم المعيشيّة، بل من سقوط جعجعة السّلاح، والتوقّف عن الضّرب على الصدور والصراخ “شيعي شيعي”و “700 أيار جديد” كما قال إبن الأمين العام المصون. لا عجب إذا لم ير أمين عام “حزب الله” في واقع اللّبنانيين مذلّة، فحضرته لا يرى لبنان أصلا. لبنان بالنّسبة إليه محطّة خدمة لا أكثر. هو هنا يعمل من أجل هدف واحد، هو خدمة ولاية الفقيه والتّرويج للدولة الإسلامية التي يحكمها آمر الزمان ووليّه على هذه الأرض. دستور لبنان لا يعنيه. حزبه أصلا قام دون ترخيص. ومن هي دولة لبنان لتمنحه التّرخيص، المهم التّرخيص الإيراني! القائمون على السلطة هم أزلامه، ينعمون بظلّه وبحمايته.
والمؤسّسات الإعلاميّة من وزارة الإعلام، والوكالة الوطنيّة، والمؤسّسات الخاصّة، هي أيضا رهينة له، إذ يحكم تعاطي معظمها معه، رنين المال الذي يمدّها به، كما يحكم آخرين تجار يستفيدون من ممارساته أو يخضعون لأركان سلطة هم من أزلامه. حالة لبنان هي نتيجة الحرب التي يقودها “حزب الله” من على ساحة لبنان ضدّ أميركا وغيرها في الواقع، كلّ ما يحصل في البلاد، لا يعني حزب إيران. صراخ المغترب اللبناني الشّيعي عدنان فرحات من عربصاليم في رسالته المؤلمة والموجعة إلى “نبيّ حركة أمل” نبيه بري، لا يعنيه. فمن هو هذا المواطن الذي دعا الحاج برّي إلى قتله على أمل تحويله شهيدا، فلا يموت انتحارا بحرق نفسه كبعض الذين عانوا مثله. هو لا تعنيه إنتخابات نقابة المهندسين. فمن هم جماعة بولا يعقوبيان وشربل نحّاس والشيوعيّين الذين تولّوا النقابة؟ هم بديل عن أهل السّلطة، فما المشكلة؟ ليذهب هذا ويأتي ذاك، طالما أنّهم لا يجرأون على الوقوف في وجهه، وعلى المطالبة بالسّيادة، وبتحرير لبنان من هيمنته، واستخدامه السّاحة اللّبنانيّة في حروب وليّ الفقيه مع العالم. تلك الجماعة تطالب بوقف الفساد، هو أيضا يطالب بذلك. هل سينجحون حيث فشل هو؟
هم لا يمكنهم تغيير علاقات لبنان لكي يخرج من حالته الرّاهنة. حزب إيران يعلم أنّ المشكلة هي في دوره. فلو لم يحصل هذا التطور في واقع المنطقة، لما حصل هذا التردّي المخيف في الحالة اللّبنانيّة. أمينه العام خرج ليقول صراحة ب”أنّ أميركا هي التي أوصلتنا إلى هذه الحالة.” وهذا يعني أنّ حالة لبنان هي نتيجة الحرب التي يقودها الحزب من على ساحة لبنان ضدّ أميركا وغيرها. فإذا كانت أميركا هي بالنسبة إليه هي الشّيطان الأكبر ويريد إذلالها، أليس من حقّ أميركا أن تحاربه؟
لكن من يدفع الثّمن؟ لماذا يحاربها من لبنان حيث الأغلبية السّاحقة للّبنانيّين لا تجاريه؟ لماذا لا يذهب إلى إيران ويحاربها من هناك؟ لماذا علينا أن نسكت وندفع الثّمن؟ لماذا لا يذهب “حزب الله” إلى إيران ويحارب اميركا من هناك؟ علينا أن نسكت لأن السّلطة تجاريه وتنتفع منه. كما أنّه لا يخاف البدائل التي يمثّلها أمثال شربل نحّاس، مع إحترامنا لها، لأنها لا تحاربه، بل كانت إلى جانبه في السلطة. وهو لا يرى في حركة الشّارع خطراً عليه طالما أنّها جاهلة لحقوقها، وتحرّكُها الأوجاع، وحركتها فوضويّة،عشوائيّة، ومن دون نتيجة.
هو يستطيع أن يتّهم الأحرار كالعلّامة السيّد علي الأمين، بالخيانة والعمالة. ولا تهمّ الأسباب التي يرفعها أمام القضاء كي يتحرك. فالقضاء يتحرّك بمجرّد أنّ الحزب يدلي بهذه التّهمة. الحزب نفسه، ترك القضاء يخلي العميل الموصوف عامر الفاخوري من دون أن يرفّ له جفن.
لكن ما هي هذه التّهمة الموجّهة ضدّ سماحة السيّد الأمين؟ التّهمة هي أنّه حضر مؤتمرا في دولة عربيّة شارك فيه عدد من المدعوّين اليهود. وهل حضور مؤتمر فيه عدد من اليهود، خيانة؟ لبنان الرّسمي يحضر لقاءات ومؤتمرات في مختلف أنحاء العالم، يشارك فيها إسرائيّليون وليس يهود فقط. ليس كلّ اليهود هم من حماة إسرائيل أو داعمي إسرائيل.
أليس من بينهم من استقبله حزب إيران في لبنان، واحتضنه لأنّه يمنح الحزب إشعاعا لادّعائه الكاذب بشأن النضال من أجل الحقوق الفلسطينية؟ بين العرب قوى لا تخدم سوى مصالح إسرائيل، وحزب إيران من بينها.
“حزب الله” دمر بلد الإزدهار الإقتصادي والمالي والدّيمقراطي والإشعاع الفكري في هذا الشرق نعم نتّهمكم بالعمالة والخيانة، فكفى رقصاّ على الحروف. أنتم شاركتم بتدمير الهويّة القوميّة للقضيّة الفلسطينيّة، وجعلتموها دينيّة فاشلة، لا تخدم سوى المتعصّبين من الصّهاينة.
أنتم جعلتم العالم يكره الإسلام، وهذه أكبر خدمة لإسرائيل التي رفعت شعار العداء للعرب والإسلام منذ عام 2012. أنتم دمّرتم بلد الإزدهار الإقتصادي والمالي والدّيمقراطي، والإشعاع الفكري في هذا الشرق، فقدّمتم أكبر خدمة لإسرائيل التي كانت ترى دائماً في لبنان ألمنافس الوحيد لها في هذا الشّرق، أمام العالم الحر.
أنتم جعلتموه مدرجاّ على لائحة 32 دولة في العالم تحتضن الإرهاب. أنتم دمّرتم لبنان الرّسالة، النّموذج بمواجهة فلاسفة صهاينة مثل هانتغتون الذي دفعته الصهيّونية ليبشّرنا بصراع الحضارات. أنتم جعلتم العمالة للأجنبي شرفاً كبيراً من خلال التزامكم وتغنّيكم العلني والصّريح بإيران ووليّ الفقيه. أنتم حالة لا مثيل لها في العالم. أي بلد في العالم يسمح لحزب أن يقيم دويلته، ويكون له سلاحه، وقرارات الحرب والسّلم تعود له إستنادا لقرار دولة أخرى؟ أنتم تحتلّون لبنان، ومن حقّ اللّبناني أن يعلن المقاومة ضدّكم، لأنّها العنوان الصّحيح للمقاومة في القانون الوطني والدولي.
سيأتي اليوم الذي ستحاكمون فيه أمام العدالة الوطنيّة أو الدوليّة نحن نعلم أنّ لا حلّ لدينا إلا بتدخّل العالم في حرب مباشرة معكم. العالم يحاربكم، ولكنّنا نحن الضّحيّة وليس أنتم. لا عذاباتنا ولا مذلّتنا تهمّكما. العالم يشارككم الإجرام بحقّنا. فلو كانت الأمم المتّحدة هيئة القيم الأميركيّة الحقيقيّة التي زرعها الرّئيس روزفلت في ميثاقها عام 1945، لكانت هبّت لاتّخاذ قرار أمميّ من أجل إنهاء دويلتكم غير المشروعة، التي لا تهدّد سلامة لبنان ومستقبله فحسب، بل الأمن الدّولي في العالم.
سيأتي اليوم الذي نراكم فيه تحاكمون أمام العدالة الوطنيّة أو الدوليّة. لا نخاف إرهابكم. الموت وقوفا أفضل مرارا من الموت في مخبأ حيث نأكل ونشرب حتى تحين الساعة، غير آبهين بما نزرعه وزرعناه لأولادنا وأحفادنا من بعدنا. كلّ جبان خائف هو مجرم في حقّ عائلته وأولاده وأحفاده. لا مستقبل دون وطن سيّد وحرّ ومستقلّ.
جنوبية