أخبار الأحوازأهم الأخبارتقارير

حرائق وتلوّث وغبار: الأحواز نموذج لانهيار بيئي ممنهج

في الأيام التي يحتفل فيها العالم بـيوم البيئة العالمي (5 يونيو)، تتحول الأحواز، التي كانت تُعرف يومًا بـ”الجوهرة الخضراء” للخليج العربي، إلى مرآة مؤلمة لانهيار النظام البيئي نتيجة سياسات ممنهجة وصفها ناشطون بأنها شكل من أشكال “التدمير المتعمد” من قبل سلطات الاحتلال الإيراني.

من ملاذ بيئي إلى منطقة منكوبة

لطالما شكّلت الأراضي الرطبة في الأحواز ملاذًا للطيور المهاجرة، وكانت غابات زاغروس الممتدة وأشجار الجميز والغاز تمثّل الرئة الطبيعية للمنطقة.

أما اليوم، فقد باتت هذه المناطق محاطة بـالنار والجفاف والغبار، وسط إهمال واضح وتهميش بيئي ممنهج، حولها إلى واحدة من أخطر المناطق بيئيًا في غرب آسيا.

حرائق متعمدة وفقدان للغطاء النباتي

كما تعاني الأحواز من تصاعد غير مسبوق في حرائق الغابات والمناطق الطبيعية، يعود جزء كبير منها إلى أنشطة بشرية مباشرة، مثل حرق بقايا المحاصيل الزراعية من قبل المزارعين، أو إهمال الزوار والسياح في المحميات الطبيعية. هذه الحرائق تسببت في فقدان مساحات شاسعة من الغطاء النباتي، وتراجع كبير في التنوع الحيوي المحلي.

الأراضي الرطبة تتحول إلى بؤر للغبار

منطقة هور العظيم، التي تُعد من أبرز الأراضي الرطبة الحدودية بين الأحواز والعراق، تحولت إلى مجمع غبار خانق بعد أن قامت وزارة النفط  لسلطات  الاحتلال بتجفيف أجزاء واسعة منها من أجل حفر آبار النفط في حقل سهل ميسان.

وأدت هذه الخطوة  إلى تقلص الخزان المائي الطبيعي، وظهور مناطق مكشوفة مهددة بعواصف ترابية مستمرة.

كما أن منطقة الفلاحية الدولية للأراضي الرطبة، والمسجلة ضمن اتفاقية رامسار الدولية لحماية الأراضي الرطبة، باتت تواجه خطرًا وجوديًا جراء الإجهاد المائي، وتقلّص مناسيب المياه الواردة إليها.

سوء إدارة المياه وتلوث منظم

تعاني الأحواز من سوء إدارة ممنهج للموارد المائية، حيث تُضخ مياه الصرف الصناعي من شركات البتروكيماويات ومصانع قصب السكر مباشرة في المسطحات المائية، إلى جانب شق الطرق والأنابيب النفطية داخل الأراضي الرطبة، ما أدى إلى تدمير ممنهج لهذه البيئات الطبيعية.

بؤر غبارية وتلوث قاتل

يوجد في الأحواز ما لا يقل عن سبع بؤر غبارية حرجة وفوق حرجة، تُعد مصدرًا دائمًا للعواصف الترابية التي تضرب المنطقة. منذ مطلع هذا العام، ازدادت أيام الغبار بشكل ملحوظ، ما أدى إلى إغلاق المدارس والمؤسسات العامة عدة مرات.

ومن ناحية أخرى، تسبب حرق الغازات المرتبطة بعمليات استخراج النفط، أو ما يُعرف بـ”الحرق”، في تلويث الهواء بشكل خطير، خاصة في المناطق السكنية المحيطة بالحقول النفطية.

1000 وفاة سنويًا بسبب الهواء الملوث

في ظل هذا التلوث البيئي الحاد، ارتفعت نسبة مراجعي المستشفيات من مرضى الجهاز التنفسي بنسبة 30%، وفقًا للدكتور بيجمان بختيارينيا، الرئيس السابق لمركز الأحواز الصحي.

كما تُسجَّل حوالي 1000 حالة وفاة سنويًا نتيجة تلوث الهواء وحده، بحسب البيانات المحلية.

ولم تعد الأزمة البيئية في الأحواز أزمة محلية، بل تحذير صارخ لما يمكن أن تؤدي إليه الاستغلالات الصناعية الجائرة وسوء التخطيط البيئي.

و

 

 

 

 

في يوم البيئة العالمي، يجد المجتمع الدولي نفسه مطالبًا بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية في وجه ما يتعرض له الإقليم الأحوازي من دمار بيئي ممنهج، يهدد استقرار الإقليم وسلامة سكانه ومستقبل موارده الطبيعية.

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى