أهم الأخبارمقالات

إذا لم يتم إيقافها بالقوة… فعلى العالم أن يتحضر لإيران نوويّة

 

علي حمادة

رغم إصرار الدعاية الإيرانية على احترام النظام في طهران فتوى المرشد علي خامنئي التي تحرّم إنتاج سلاح نووي وتؤكد سلمية البرنامج النووي، فإن أحداً من المسؤولين في العواصم الكبرى والإقليمية المعنية لم يعد مقتنعاً بأن إيران تنتهج ببرنامجها النووي مساراً سلمياً. كل المؤشرات التي حذرت منها إسرائيل على مدى أعوام تبدو صحيحة، أو تأكدت بعد نجاح جهاز “الموساد” سنة 2018 في الاستيلاء على أرشيف البرنامج النووي السري الضخم في طهران وتهريبه إلى إسرائيل، وإطلاع الأميركيين وبعض الدول الحليفة عليه.

لكن الأهم من ذلك كله هو أن سلوك طهران، منذ خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام 2015، ثم بعد عودة التفاوض في نيسان – أبريل 2021 في فيينا لإحياء البرنامج، يدل إلى أن الخيار الإيراني الحقيقي هو السعي إلى تسريع عملية تطوير القنبلة النووية الأولى التي يفترض أن تنتج في مدى قصير نسبياً، هذا إذا لم يتم إيقاف طهران في الوقت المحدد بتدمير معظم منشآتها النووية التي تعمل بكامل طاقتها من دون أن تخضع لأدنى رقابة من “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، حسبما ينص عليه الاتفاق النووي الذي يكاد يصبح من الماضي.

ثمة قناعة في الإقليم، لا سيما في الأوساط المعنية في الحكومات العربية التي تراقب بحذر ما يحصل في الضفة الأخرى من الخليج العربي، بأن قرار القيادة الإيرانية، وعلى رأسها المرشد علي خامنئي، يقضي بإنتاج القنبلة النووية. أما الفتوى فليست أكثر من فتوى تندرج تحت بند “التقية” لإخفاء الهدف الحقيقي، إنها غبار حاجب للرؤية.

ثمة من يعتبر أن المماطلة الإيرانية في التفاوض مع مجموعة “5+1” الدولية في فيينا، والاشتباك مع الأميركيين حول بنود غير مدرجة على جدول أعمال المفاوضات الأساسية التي دامت أكثر من عام منذ وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض، يدلان إلى أن الإيرانيين يكسبون الوقت فيما يحرزون تقدماً كبيراً في عملية رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تلامس الاستخدام العسكري، فضلاً عن خفض قدرات “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” على المراقبة والتحقق من هذا الجانب الخطير.

ويمكن إدراج التصريح الأخير الذي أدلى به، الاثنين الفائت، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي في خانة المؤشرات التي تتلاحق كاشفة باطن النيات الإيرانية. فقد قال بالحرف الواحد: “إن طهران لديها القدرة التقنية على إنتاج قنبلة ذرية، لكنها لا تنوي القيام بذلك”. في المقابل، يجدر التوقف عند تصريح المدير العام لـ”الوكالة الدولية للطاقة الذرية” رافاييل غروسي الذي كشف فيه أن “الوكالة ليست لديها معلومات تثبت أن إيران تبني قنبلة ذرية، لكن الجهود والطريقة التي تعمل بها طهران تشير إلى أنها تتحرك في هذا الاتجاه”! إنه تصريخ خطير للغاية، لأنه في مكان ما يعلن بكلام غير مباشر أن إيران تسعى خلف القنبلة، من دون أن يتورط في تأكيد ما يفكر به، كي لا يقال إنه أطلق شرارة حرب إقليمية بين إسرائيل وإيران، وربما أطراف أخرى.

على صعيد آخر، من الصعب التوقف بجدية عند الموقف الدبلوماسي لوزير الخارجية الإيراني الذي أعاد تدوير الحديث عن الخطة الأوروبية التي قدمها الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، قبل عشرة أيام، قائلاً إن طهران تدرس المسودة الأوروبية.

إنها مناورات إيرانية لا تحجب المشروع النووي العسكري الذي يعتبر الهدف النهائي الذي يريد النظام بلوغه عبر كل الطرق والوسائل. واليوم بعدما تراخت قبضة العقوبات الأميركية على قطاع النفط الإيراني، ما من سبب يضطر طهران للعودة إلى طاولة التفاوض أو التزام أي اتفاق لم تعد تريده، فيما باتت أقرب إلى القنبلة النووية من أي وقت مضى. لذلك كله نقول إن الاتفاق النووي مات، وعلى العالم أن يتحضر في غضون وقت قصير لقيام إيران نووية.

* نقلا عن “النهار العربي”

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى